مدينة (ليلى) قاعدة محافظة الأفلاج السكنية والاقتصادية تقع على بعد 300كلم جنوب مدينة الرياض.. أخذت اسمها من ليلى العامرية (عشيقة) قيس بن الملوح، وقامت على أنقاض الجزء الغربي من قرية (النقية) التي قامت هي الأخرى على أنقاض الجزء الغربي من قرية (الهيصمية) حسب ما ذكر الشيخ عبدالله الجذالين (ابن عيسوب) رحمه الله في كتابه تأريخ الأفلاج والذي أكد فيه على أن المدينة استوطنتها قبيلة الشثور منذ القرن الثامن الهجري حتى استوطنها الدواسر في القرنين الأخيرين. الطراز العمراني مر الطراز العمراني في مدينة ليلى منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى اليوم بثلاث مراحل: الأولى البناء بالطين والسقف بالخوص والخشب والأعمدة بجذوع النخل والطين واتفقت معظم هذه الأبنية على الطابق الواحد ويتضح ذلك جلياً في أحياء (المبرز - الحزيمي - أم أثلة - غصيبة - الحيش - مبعوثة - نزوة - مطلقة - أم سرحة - ضرغامي - سويسان - آل صقر) وكلها تقع في الجهة الشرقية من الشارع الرئيسي في المدينة (طريق الملك عبدالعزيز) وأجزاء قليلة في الجانب الغربي من الطريق وتحديداً في حي الصالحية الذي خططه ونفذه المواطن (عبدالله بن محمد العفاري) الذي رجع إليه الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز النشوان في دراسته الجغرافية الميدانية لمنطقة الأفلاج. ويروي علي بن عبدالله الفعاري أنه في عام 1382ه شكل قاضي المحكمة الشرعية في الأفلاج حينذاك الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيزبن سحمان لجنة سميت ب (هيئة أراضي الموات) برئاسة والدي وساعده عبدالله بن ناشي العجالين وعبدالله الحبشان رحمهم الله جميعاً وأوعز إليهم تخطيط أراضي الصالحية ومن ثم بيعها على المواطنين فكان والدي رحمه الله يخطط بالذريبة وهي جريدة من سعف النخل ومن ثم يدون رسم الأرض ورقمها ومساحتها، وقد أفادت من ذلك بلدية الأفلاج في تحديد خريطة حي الصالحية أكبر أحياء مدينة ليلى قديماً، حيث يحده من الشمال تقاطع طريق الملك سعود مع الملك عبدالله وحتى تقاطع طريق الملك سعود مع طريق الملك عبدالعزيز ومن الشرق يبدأ من التقاطع السابق وينتهي عند تقاطع طريق الملك عبدالعزيز مع طريق الملك فهد ومن الجنوب يبدأ من التقاطع السابق وحتى تقاطع طريق الملك فهد مع طريق الملك عبدالله ومن الغرب يبدأ من التقاطع السابق وينتهي عند تقاطع طريق الملك سعود مع الملك عبدالله. وتميزت المباني الطينية بقوتها وبتناغم أدوات البناء فيها فالبوابات صممت بشكل هندسي رائع والنوافذ أخذت أشكالاً متفاوتة في التنفيذ والمرازيم أخذت من المعادن والأخشاب، أما الجبس فقد فرض إيقاعه الهادىء في أعلى وأسفل الجدران مطرزاً بنقوش أخاذة جلبت من خارج البلاد كاليمن وباكستان ومصر ولا تكاد ترى بيتاً إلا وفيه (الوجار) وهو ما يسمى بالمقيهية عند الكثير من أبناء الأفلاج ويمثل اليوم غرفة الأسرة التي تجتمع فيها لتناول القهوة والشاي وتبادل الأحاديث والسواليف. أما المرحلة الثانية فاعتمدت على البناء بطوب الإسمنت والسقف بمرابيع الخشب تارة وبالحديد تارة أخرى أما الأعمدة فقامت على الحديد فقط، أما الأبواب والنوافذ فتغير طرازها بعد أن تحولت إلى الحديد وظهر نوعان في صميم وتنفيذ البيوت الأول شعبي والآخر مسلح وكلاهما من البلك لكن التغير في المرحلة الثانية والذي تركز في حي الصالحية وحي العزيزية اللذين يطلق عليهما سكان المدينة حي الغربية لوقوعه غرب الطريق العام لم يكن كافياً لنهوض بالمدينة عمرانياً لأن الطابق الواحد ما زال لغة البناء المتداولة عند سكان الأفلاج حتى جاءت المرحلة الثالثة وفيها قفز العمران في الأفلاج إلى أوج عصره عندما ظهرت الأدوار المتعددة والفلل الفخمة ذات الديكورات المتداخلة والذي عد نقلة قوية في عالم البناء والعمارة في المدينة. شوارع المدينة بين الأزقة والميادين أما شوارع ليلى فبدأت بالأزقة والتي لا يتجاوز عرضها المترين ويقول الشيخ فالح بن عبود أن السبب وراء ظهور هذه الأزقة هو اكتظاظ الناس بعضهم حول بعض طلباً للأمن و"الونس" وتطورت الشوارع نوعاً ما فكان شارع عشرة في المبرز يمثل صرخة مدوية في عالم التنمية وكان حديث الناس في ذلك الوقت حتى جاءت شوارع العشرين والثلاثين وانتهت عند المئة والذي يمثله شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز في حي الملك فهد. الحياة الاجتماعية وإذا عدنا للحياة اليومية لأهالي مدينة ليلى قبل أربعين عاماً تقريباً فكانت تعتمد على العمل بالزراعة في أحيائها القديمة وبالتجارة في سوقها الملاصق للجامع الذي كان يؤمه الشيخ درعان الحامد - رحمه الله - أما البقية فكان أكثرهم داخل أروقة التعليم بحثاً عن طلب العلم والمعرفة وكان مغيب الشمس يمثل نهاية اليوم عند الأغلبية من أهالي المدينة وظلت الحياة كما هي حتى عام 1400ه تقريباً عندما بدأ التطور التجاري بدخول البنوك المحلية في قلب المدينة عندها تغير مفهوم الاستثمار والعمل لدى الكثير، أما اليوم فأصبحت المرأة تزاحم الرجل في العمل وتتفوق عليه في التجارة بفضل تعدد طرق الاستثمار وتنوع مشارب العمل وانقلبت الحياة اليومية رأساً على عقب فالجميع على قدم وساق منذ الصباح وفي المساء يتفرغ الكثير منهم إلى أعمالهم الثانوية في مجالات التجارة والزراعة وإدارات الأموال ونحوها، أما الشباب فقد استهوتهم مقاهي الأنترنت والكافي شوب والصالات الرياضية المغلقة ولا يكاد يهدأ صخب المدينة إلا في ساعة متأخرة من الليل. وحافظت المدينة على تناغمها الحضاري بفضل تمسك أهلها بالطابع التقليدي القديم في شرق المدينة وبالتطور الحديث في أقصى غرب المدينة حتى أنك لا تكاد تصدق نفسك أنك داخل مدينة ليلى في جهتها الشرقية بسبب إصرار سكانها على ممارسة الحياة القديمة "متجاهلين" ضجيج المدينة وازدحام طرقها الرئيسة والفرعية. أما سكان القرى المجاورة لليلى فهم يصلون إلى المدينة للبيع أو الشراء أو مراجعة الدوائر الحكومية فيها أو قضاء مصالح متنوعة منها لكنهم لا يلبثون فيها إلا قليلاً. آثار ليلى وتميزت ليلى القديمة بوجود آثار تاريخية أهمها: قرية النقية التي قال عنها أحد رجال البصرة عندما سأل أحد أبناء الأفلاج ويدعى مرجان الضرغام عن سبب مجيئه للعراق فقال من أجل طلب العيش فقال له: والله لو تعلمون يا أهل الأفلاج ما في قصور النقية من كنوز وأموال لأغنتكم عن بكرة أبيكم (ذكر ذلك الشيخ ابن عيسوب رحمه الله في كتابه تأريخ الأفلاج ص 68) ومن الآثار أيضاً قرية الهيصمية ومن أبرز القصور الأثرية في المدينة قصر آل بازع والحجي والجبارين ومن أكثر القصور شهرة قصر البطرة الذي بناه فهاد بن دخيل الله الحامد واسمه يدل على سبب بنائه كما أكد (الرياض) ذلك أحد كبار السن والذي ناهز 90عاماً. ليلى اليوم وإذا أردنا الحديث عن ليلى اليوم وما تشهده من نهضة تنموية شاملة فإننا نحتاج لقليل من الوقت حتى ندرك تلك النقلة الحضارية المذهلة فأبناء المدينة لا يزال معظمهم يتذكر أيام الزمن البسيط وما تحويه ساعاته من لقطات مدهشة اتكأت على الصبر ونهضت على التفاني لتنقل المجتمع بأسره إلى نهضة شاملة لا يكاد يستوعب تفاصيلها فالمباني صارت فللاً فاخرة ووحدات سكنية رائعة والطرق أصبحت ميادين واسعة والأنوار غطت سماء المدينة حتى أنك لا تشعر بزوال النهار وتشبعت المدينة بالمرافق الحكومية المنتشرة على جنبات طرقها وبين أحضان أحيائها بفضل اهتمامات بلدية الأفلاج برئاسة الأستاذ مسفر بن غالب الضويحي وجميع منسوبيها وكذلك المجلس البلدي برئاسة الأستاذ مرضي بن محمد الحبشان وخطت البلدية خطوات ناجحة بفضل مشاريعها العملاقة من إنشاء طرق وبناء جسور وتصميم منتزهات وكذلك من خلال ترقيم المنازل وتسمية المنافذ والشوارع والطرق كما قامت البلدية بتنفيذ المدينة الصناعية الجديدة والتي ساهمت في منح المستثمرين كل جوانب التطور في الصناعات وتقديم معظم الخدمات التي تخدم أبناء المدينة وقراها. ويأمل سكان المدينة تحسين مدخلها الجنوبي والشمالي ببوابات تحكي تاريخ المدينة كما يأملون في تحسين مداخل القرى الواقعة على امتداد الطريق الرئيسي في المحافظة وبفضل الله ثم تلك المجهودات الجبارة ينعم أهالي ليلى بالخدمات التنموية المترابطة ولم يعد المواطن يلجأ إلى تكبد مشوار مدينة الرياض إلا لقضاء حاجة غير متواجدة في المدينة ويأمل أهالي المدينة أيضاً في تحقيق أحلامهم بوجود مدينة صناعية وأخرى جامعية في ظل مقوماتهما نظراً لما تختزنه المدينة وقراها من كنوز النفط والغاز كما يأمل شباب المدينة في وجود مدينة رياضية متكاملة.