شركة الكهرباء وغيرها من الشركات الخدمية الضرورية مطالبة بأن يكون لديها جانب إنساني في عملها فليس من المعقول والمقبول إنسانياً أن تتعامل مع عملائها بشكل آلي يعتمد على تقديم الخدمة والحصول على ثمنها بصرف النظر عن تفاوت قدرة هؤلاء العملاء على ايفاء المستحقات فحاجة العملاء للخدمة متساوية ولا يعني ذلك تساويهم في قدرتهم على دفع ثمنها!! فشركة الكهرباء كغيرها من الخدمات التي يحتاجها الفرد جداً ولا يستطيع الاستغناء عنها ولكن قد يعجز البعض عن دفع رسومها، ففي العام الماضي نشرت إحدى الصحف المحلية خبراً عن وفاة أحد أفراد أسرة سعودية مكونة من 8أشخاص يعيلها حارس مدرسة براتب 1800ريال في الشهر في حي الثقبة بمحافظة الخبر عندما صعد الابن للسطح هرباً من حرارة الجو بعد فصل شركة الكهرباء للتيار الكهربائي عن الأسرة لعدم سدادها الفاتورة، وكانت كارثة إنسانية لم يتفاعل معها سوى البعض للأسف وأعتقد أن شركة الكهرباء ضمن البعض الذي لم يتفاعل وأظن أن ذلك راجع لكونها ترى نفسها تنفذ أوامر الجهاز الآلي!! فلو تفاعلت شركة الكهرباء مع هذا الحدث الجلل لغيرت سياسة أوامر الجهاز وأعطت اصدار الأوامر لواحد من العاملين الذين يقدرون أوضاع الناس، وأتصور انه سيأتي الوقت الذي ستجبر شركة الكهرباء على ذلك ولكنها تحتاج عشرات الموتى والمشردين من الحر لتقتنع أن الناس ليسوا سواسية في القدرة على سداد فواتير خدمتها وأن عدم السداد يخفي وراءه فقراء قد لا يجدون طعام يومهم!! فقد لجأت امرأة تعيش على الضمان الاجتماعي مع بناتها لأهل الخير لسداد فاتورة الكهرباء لا غير بعد أن تم فصل التيار عن منزلها وفشلت كل محاولات استجداء الشركة التي رأت كي تساعدها أن تقسط عليها المبلغ المتراكم ولم تعلم أو تتجاهل أن ما منعها عن سداد الفاتورة في حينها مازال يمنعها عن سدادها بالتقسيط!! وبما أن أمر الجهاز صار بالفصل وقضي الأمر فما كان منها وبناتها إلا الانتقال للعيش مع ابنتها المتزوجة في منزل صغير بالكاد يتحمل أهله؟! ولكن ما هي الحيلة فاذا استطاعت الأسرة مقاومة الظلام فمن ذا الذي يستطيع مقاومة حر الرياض؟! وبقيت في هذا الضيق حتى قيض الله لها فاعلة خير وسددت فاتورة الكهرباء ورضي الجهاز الآلي فعادت الكهرباء!! هل يعقل ما يصدر من شركة الكهرباء تجاه هذه الفئة من الناس؟! من ذا الذي يرضى ان يفصل عنه التيار الكهربائي لولا ضيق اليد فقد جرت العادة أن يقدم الناس الكهرباء على الطعام وهذا يعني انه في حالة عدم سداد منزل يسكنه أناس للكهرباء أن هؤلاء الناس لا يجدون طعام يومهم فبدل أن تزيد شركة الكهرباء هموم الناس وتتعاون مع الفقر عليهم فإنه إذا كان عدم سداد هذه المبالغ سيهز وضع الشركة فعليها أن تحيل الأسر المتعثرة في السداد إلى الجمعيات الخيرية وأهل الخير،ففي رأيي فصل التيار لن يفيد الشركة بشيء سوى التضييق على الناس لذا لو قامت بهذه الخطوة سيضمن جهازها تحصيل الفواتير وعدم فصل الخدمة عن أحد من العملاء!!.