يعاني قطاع المقاولات من تأخر في تنفيذ المشاريع الوطنية، بسبب الجدل الدائر بين الجهات الحكومية والمقاولين السعوديين، على الرغم مما تشهده المملكة من نمو في الاقتصاد القومي والتدفق المالي، إلا أن بعض المقاولين يفضلون الغرامة المالية والتي تعادل 1في المائة من قيمة المشروع على توقيع العقد للتراجع عن المناقصات. وقال ل"الرياض" رجال أعمال إن وزارة المالية اتخذت خطوة مختلفة إذ شكلت لجنة لدراسة التعويض بعد اكتمال المشروع، معتبرين أن هذه الخطوة التي سنتها الوزارة لن تحل إشكالية العقود، وينبغي أن يكون التعويض مباشرة وبصورة نظامية. وأشاروا إلى أنه لا يوجد نص في العقد الحكومي يمنح الجهة الحكومية الحق في تعويض المقاولين بصورة مباشرة، وأن هناك تأثيراً واضحاً على ما نسبته 40في المائة من مشاريع الشركات بسبب الوضع الراهن الذي يشهد ارتفاعاً في أسعار المواد يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 100في المائة، وهو خارج تماما على حسابات أي مقاول عند دراسته للعروض لتقديمها، مما يترتب عليه عدم اقتصاديات هذه المشاريع. في حين أن هذه العقود لا تخضع للتفاوض فحسب، بل لا تأخذ وزارة المالية رأي القطاع الخاص عند إعداد مسودة العقود، ولكن تلقي كل الأعباء والمخاطر على المقاولين السعوديين، مناشدين في الوقت ذاته الجهات المعنية سواءً كانت أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو منظمات المجتمع المدني بأن يكون الاهتمام أكبر بهذه القضية وأن يكون هناك تنسيق مع المقاولين لوضع حلول سريعة لمثل هذه المواضيع وتنفيذها بواسطة آلية سليمة وبسيطة تضمن حقوق جميع الأطراف. وذكروا أن هناك دخلاء على قطاع المقاولات ممن لا يملكون الكفاءة الفنية ولا المالية اللازمة ورغم كل هذا فإنهم يحصلون على مشاريع في القطاع العام تنتهي غالباً بالإخفاق. أكد راشد محمد الراشد عضو لجنة المقاولات في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، أن سبب تأخر المشاريع التي قيد التنفيذ هو عدم استقرار أسعار مواد الخام، خاصة الاسمنت والنحاس، معتبرا أن ذلك زاد من نسبة انسحاب المقاولين من المناقصات وأن بعض المقاولين يفضلون أن يفرض عليهم خسارة غرامية للتراجع عن المناقصات والتي تعادل 1في المائة من قيمة المشروع على توقيع العقد. وقال الراشد إن حل هذه الأزمة يكمن في تعديل عقود الإشغال العامة ليشمل فقرة عن التعويض المباشر بناءً على توجيهات مجلس الوزراء لتعديل العقود حسب شروط الاتحاد الدولي للاستشاريين المهندسين، لافتا إلى أن وزارة المالية اتخذت خطوة مختلفة إذ شكلت لجنة لدراسة التعويض بعد اكتمال المشروع، مبينا أن هذه الخطوة لن تحل مشاكل العقود، وينبغي أن يكون التعويض مباشرة وبصورة نظامية. وارجع الراشد سبب ارتفاع الأسعار إلى التضخم وارتباط الريال بالدولار الأمريكي مما زاد الطلب العالمي، خاصة في الأسواق الناشئة مثل السوق الصيني والسوق الهندي، معتقدا أن الإشكالية عالمية أكثر من كونها مشكلة سوق محلي، وتأثير الأسعار محدود على التداول المحلي. وطالب الراشد بالتعويض لتقليل خطر تعرض المقاولين للإفلاس وتأخير المشاريع، مشيرا إلى انه لايوجد نص في العقد الحكومي يمنح الجهة الحكومية الحق في تعويض المقاولين بصورة مباشرة، مضيفا أن نقص الأيدي العاملة اكبر المشاكل التي تواجه المقاولين، على الرغم أن وزارة العمل أصبحت أكثر موضوعية إلا إن المشكلة لا تزال قائمة. وانتقد الأسلوب التي تقوم به وزارة المالية العقود الحكومية، وأن هذه العقود لا تخضع للتفاوض فحسب، بل لا تأخذ الوزارة رأي القطاع الخاص عند إعداد مسودة العقود، وتلقي كل الأعباء والمخاطر على المقاولين. وأضاف" وحتى نضمن النجاح ونخلق شراكة قوية في أي تعامل تجاري بين أي القطاعين الحكومي والخاص، يجب أن تكون العقود عادلة لكل طرف. ويجب أن تكون العقود عادلة وتعطى كل ذي حق حقه. في حين أن كل الدول الغربية متقدمة علينا في وضع عقود متوازنة وعادلة". وفي السياق ذاته، أشار الدكتور محمد البليهد المدير التنفيذي لشركة مجموعة سدر، إلى أن سبب النمو غير المسبوق في قطاع المقاولات خلال هذه الفترة واجه بعض الصعوبات التي تسببت في تأخير بعض المشاريع في القطاعين العام والخاص، موضحا أن من أهم أسباب الإخفاق لبعض المشاريع ارتفاع الأسعار لجميع مواد البناء بلا استثناء وحدث هذا الارتفاع في فترة زمنية قصيرة لا يمكن التنبؤ بها، وعدم توفر الأيدي العاملة لقطاع المقاولات من أبناء الوطن وصعوبة الحصول على تأشيرات لاستقدام أيدي عاملة أجنبية، وكذلك لا يمكن أن نعفي قطاع المقاولات من بعض المسئولية حيثإنه يوجد بعض الدخلاء على هذا القطاع ممن لا يملكون الكفاءة الفنية ولا المالية اللازمة ورغم كل هذا فإنهم يحصلون على مشاريع في القطاع العام تنتهي غالباً بالإخفاق. واعتبر البليهد أن نظام مشتريات الحكومة الجديد نص على إمكانية تعويض المقاولين عن ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أن آلية التعويض غيبت مشددا في الوقت ذاته على أن تكون هناك آلية واضحة للتعويض يتم النص عليها في العقود حتى يطمئن المقاول على حماية العقد له من الضرر حال ارتفاع الأسعار لتلافي إشكالية كبيرة يعاني منها قطاع المقاولات في الوقت الحاضر، وربما ينعكس سلباً على سرعة وحسن تنفيذ المشاريع. وذكر البليهد" أن هروب اليد العاملة من قطاع المقاولات لم تكن ظاهرة في الماضي، واستفحالها في الحاضر نتج عن صعوبة الاستقدام وبالتالي زاد الطلب بدون مواكبة العرض ولهذا السبب نشأت سوق سوداء لليد العاملة الأجنبية والقضاء على هذه السوق السوداء يتطلب موازنة العرض والطلب للأيدي العاملة في قطاع المقاولات". إلى ذلك، أكد صالح الصقري رئيس مجلس إدارة مجموعة سفاري، أن هناك تأثيراً واضحاً على ما نسبته 40في المائة من مشاريع الشركات بسبب الوضع الراهن الذي يشهد ارتفاعاً في أسعار المواد يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 100في المائة وهو خارج تماما على حسابات أي مقاول عند دراسته للعروض لتقديمها مما يترتب عليه عدم اقتصاديات هذه المشاريع، لافتا إلى أن الحل يتمثل في وجود تنسيق سريع بين المقاول والجهات الإشرافية لدراسة هذا الوضع واتخاذ قرارات نافذة لتعويض المشاريع التي تضررت جراء الوضع الحالي حتى تضمن سير العمل وتنفيذ هذه المشاريع في الأوقات المحددة وبالتكلفة وهامش الشركة المحددين. وخالفهم الصقري حول تعويض المقاولين السعوديين من الضرر الناتج عن ارتفاع الأسعار، قائلاً: إن إمكانية التطبيق فقط على المشاريع التي بدأ تنفيذها بعد صدور القانون الجديد، بينما المشاريع التي بدأت قبل صدور القانون الجديد فلا يتم التعويض عنها رغم أنها هي الأولى بهذا التعويض لفروق الأسعار الكبيرة، معتقدا أن آلية تنفيذ التعويض عن الضرر تأخذ وقتاً طويلا بسبب طريقة الإثبات وكذلك عرضها على عدد من اللجان والوزارات إلى جانب أن الإجراءات لا تتم إلا بعد تنفيذ المشروع بالكامل الأمر الذي ينتج عنه تعرض المقاول لخسائر أكبر، متمنيا أن يتحاشى ذلك بتطبيق التعويض على جميع المشاريع المنفذة سواء كانت قبل أو بعد القانون الجديد وتبسيط إجراءات التعويض، مقترحا في الوقت نفسه أن تكون كل ستة أشهر. وقال الصقري إن الانسحابات تؤدي إلى تضرر المقاول بشكل كبير وذلك بسبب ردود فعل الجهات الإدارية من حيث إسناد الأعمال إلى مقاولين آخرين مهما كانت التكلفة مما يؤدي إلى زيادة خسائر المقاول والإضرار بسمعته لأسباب خارجة عن إرادته، مشيرا إلى أن شركته تعاني من هروب العمالة في الفترة الأخيرة أكثر من 11في المائة ممن تم استقدامهم في الستة أشهر الماضية جراء نقص في التأشيرات الممنوحة للشركات عن الأعداد المطلوبة وبالتالي زيادة الطلب عليها محليا وإغراء جهات أخرى للعمالة برواتب ومميزات أعلى، محذرا من أثر هروب العمال على الأمن الوطني علماً أن هناك أعدادا كبيرة منهم يعملون بطريقة حرة والتي قد تتسبب في حدوث سرقات وجرائم عدة لم يتعود عليها مجتمعنا. وناشد الصقري الجهات المعنية سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو منظمات المجتمع المدني بأن يكون الاهتمام أكبر بهذه القضية وأن يكون هناك تنسيق مع المقاولين لوضع حلول سريعة لمثل هذه المواضيع وتنفيذها بواسطة آلية سليمة وبسيطة تضمن حقوق جميع الأطراف وهذا سيكون له أثر بالغ في إعادة الأمن مما سيترتب عليه تنمية المجتمع وتحريك اقتصاد الوطن وخلق فرص عمل جديدة، فالمقاول يعتبر عنصر هام وفاعل لتحقيق ذلك.