في المقال الماضي تناولت مبادىء عامة حول مفهوم (التسويق الأخلاقي للدواء) والذي يعتبر التطبيق الحقيقي والأول للمسؤولية الاجتماعية في شركات الأدوية حول العالم، ويعد قصة نجاح مميزة خصوصًا في الشركات العاملة في العالم الغربي، حيث قضت -بعد تطبيقه- على الكثير من الممارسات غير الأخلاقية في ترويج الأدوية، وحجّمت من حجم تلك الظواهر الضارة. ورفعت من مستوى المنافسة العلمية في سوق الأدوية. وكما أشرنا سابقًا فإن تطبيقات التسويق الأخلاقي للدواء تنطلق من كون المادة الإعلانية يجب أن تتوافق بشكل عام مع الأصول والأعراف الاجتماعية والأخلاقية والثقافية، وكذلك الدينية لهذا المجتمع . المنح المالية والعينية ! تؤمن شركات الأدوية أنه يجب عدم تقدم مدفوعات نقدية بأي شكل من الأشكال لمقدمي الرعاية الصحية لحثهم على وصف أو صرف الدواء بأي حال من الأحوال، وأن هذا الأمر إذا حدث سوف يؤدي إلى تدمير مستوى الرعاية الصحية والقضاء على المنافسة الشريفة، ولكن من جهة أخرى يجوز تقديم منح محددة للمستشفيات وليس للأفراد في شكل مساعدة لتأثيث قسم أو جهاز ما . بالإضافة إلى أنه يمكن تقديم كتب أو مراجع علمية أو هياكل تشريحية أو مواد تعليمية أخرى لمقدمي الرعاية الصحية إذا كان لها هدف تعليمي بحت وذات قيمة معتدلة . إلى ذلك يمكن تقديم عينات طبية مجانية للممارسين الصحيين (أطباء أو صيادلة) كما يجيز ذلك نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية الصادر عن مجلس الوزراء السعودي، وذلك بكميات معقولة غير مبالغ فيها بغرض التعرف على شكل الدواء أو تجربته، واكتساب خبرة من استعماله، وذلك بشكل متواصل أو عند طلبها، ويتولى ذلك المكتب العلمي لشركة الأدوية. يجب أن تحمل هذه الهدايا الاسم التجاري للمستحضر المراد ترويجه . مسؤولية الاتصال البريدي يجب أن يكون حجم ومعدل تكرار المطبوعات أو المواد التي ترسل بالبريد إلى الهيئات الطبية أو الممارسين الصحيين بشكل معقول، بالإضافة إلى أنه يجب احترام رغبة وطلب الصيدلي أو الطبيب في رفع اسمه من قائمة البريد بخصوص المواد الدعائية، ولكن من جهة أخرى من الضروري أن يجب أن تظل قائمة الأسماء كاملة عند الحاجة إليها لإرسال معلومات لجميع الصيادلة والأطباء تتعلق باحتياطات معينة أو موانع استعمال جديدة أو أعراض جانبية يجب إبلاغها، وهذا الأمر لا يعد انتهاكًا لمعلوماتهم الخاصة. الاعتماد الأكاديمي منذ عقود طويلة استحدثت شركات الأدوية منصبًا مرموقًا فيها، يكون مسؤولا عن اعتماد جميع المواد الدعائية، والذي عادة ما يكون شاغره ذا خلفية سريرية طويلة وقادراً على تقييم الدراسات والبحوث العلمية، والتأكد من أن جميع المعلومات التي تنشر من خلال المواد الدعائية لمستحضرات الشركة دقيقة ومتوازنة وغير منحازة ومدعمة بالبرهان الطبي والعلمي. كما أن هذا الشخص يقع على عاتقه التأكد من أن وجود دراسة (in-vitro) أو دراسة على الحيوانات لمستحضر الشركة يجب ألا تعرض بطريقة يمكن أن تؤدي إلى انطباع غير صحيح أو مضلل على إمكانية ربط هذه النتائج الطبية وتطبيقها على الإنسان . كما أنه من الضروري عند نشر أي مقارنة بين عدة مستحضرات أو بدائل متشابهة يجب أن تقدم بشكل إحصائي يفيد في التطبيق الطبي بشكل واضح، كما أن جميع هذه المقارنات يجب أن تدعم بشكل علمي ومتوازن وبديل طبي متناسق . وإنطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية تجاه المريض أو الطبيب المعالج فإنه في حال نشر أي معلومات طبية غير مدعمة بالمرجع العلمي يجب أن يشار إلى توفر هذه المراجع عند الطلب بواسطة شخص ما، وتحديد مدة زمنية لتقديم المعلومات للجهة التي طلبتها. المؤتمرات والندوات: تلعب شركات الأدوية دوراً محورياً في تنظيم ودعم البرامج الصحية التعليمية المختلفة وكذلك الجمعيات الصحية المتخصصة، والتي تهدف إلى تعميم وتبادل المعلومات الخاصة في مجال أبحاث هذه الشركات أو المستحضرات التي تقوم بتسويقها مثل تقديم معلومات طبية جديدة، أو استعمالات مستحدثة، أو معلومات علمية، سواء كانت مرتبطة بمستحضر معين أم لا . لذا فإن ميثاق التسويق الأخلاقي بين شركاتا الأدوية يؤكد على ضرورة أن يكون البرنامج التعليمي هو الأساس والمحور الرئيسي الذي من أجله ترعى هذه الشركة هذا الحدث العلمي. كما أن اختيار مكان البرنامج التعليمي يجب أن يتم على أساس منطقي ملائم للمشاركين بتكلفة معقولة، وبشكل مناسب غير مغالى فيه، بحيث يكون البرنامج العلمي وليس المكان أو الأنشطة الترفيهية المرافقة هي الأساس في جذب الحضور إليه . علاقة الشركة بالمحاضرين يعد تنظيم المحاضرات والندوات العلمية أحد أهم نشاطات تسويق الأدوية، ويقوم بتقديمها عدد من المختصين المستقلين والمؤهلين، لذا وإنطلاقًا من المسؤولية الأخلاقية تحاول شركات الأدوية أن يتم اختيار المحاضر على أساس مؤهلاته العلمية، والتقييم الموضوعي للقيمة العلمية للمحاضرة التي سوف يلقيها، وكذلك ملائمة هذه المعلومات للحاضرين لهذه المحاضرة . كما أن شركات الأدوية الملتزمة بميثاق التسويق الأخلاقي تكون ملتزمة بالإفصاح لكل المشاركين عن رعايتها بشكل مباشر أو غير مباشر للأنشطة العلمية أو التعليمية مسؤولية مندوبي الدعاية والمبيعات تتحمل شركات الأدوية مسؤولية إحاطة علم جميع مندوبيها ومنسوبيها بكافة إلتزاماتها تجاه المجتمع المحلي وخصوصًا القواعد المرعية في ترويج الأدوية، كما تتحمل مسؤولية تدريبهم التدريب العلمي والفني الملائم لتقديم المعلومات المناسبة مستحضرات الشركة بشكل دقيق ومسؤول وأخلاقي، ذلك لإن شركات الأدوية تتحمل مسؤولية أدبية حال إساءة توصيل المعلومات أو تقديم المستحضرات بواسطة مندوبيها، لذا فإن الشركات مطالبة بتدريب منسوبيها على التعامل مع الشكاوى المختلفة وجمع تقارير عن الأعراض الجانبية للمستحضرات PMS، ورفعها للجهات المختصة ( وزارة الصحة أو الهيئة العامة للغذاء والدواء) إنطلاقًا من مسؤوليتها الاجتماعية والقانونية كذلك. وبعد فلقد أثبت هذا التبني لأحد تطبيقات المسؤولية الاجتماعية نجاحًا باهرًا حول العالم، سواء على المجتمع أو منظومة الرعاية الصحية، والأمل معقود على مصنعي الأدوية المحليين والمكاتب العلمية لشركات الأدوية على تفعيل ميثاق (التسويق الأخلاقي للأدوية) والأخذ بصناعة الدواء نحو آفاق أوسع وأكثر رحابة وفائدة. @ الصيدلي عضو فريق مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود للمسؤولية الاجتماعية المشرف على المسؤولية الاجتماعية بشركة الجزيرة للصناعات الدوائية