الشاعر الكبير عبدالله الجشي الذي كرم قبل خمس سنوات في ذات المكان الذي كرمه مساء أول من أمس في مجلس السنان الكبير في قلب مدينة القطيف والذي حضر تكريمه شخصيات أدبية ومعرفية وشعرية كبيرة، كالشاعرين محمد العلي، وجاسم الصحيح الذي ألقى قصيدة خاصة بالحفل، قال في مطلعها: "فصِّلء غيابكَ بالتساع رثائي/ لأخيطه بقصيدة عصماءِ/ وأسد من جسد البلاغة طعنة/ فضت بكارة كل حرف هجاءِ". ولم تقتصر القصائد على شعر الصحيح، إذ ألقيت قصائد تفاعل معها الحضور تصفيقا، منها قصيدة الشاعرة أمل الفرج التي خاطبت فيها الشاعر الراحل، إذ قالت: "فيا ابنها عاشتكَ في رحم الندى/ تهامسها شعرا وتحسرها نظما/ فأرختها عذبا تذوّق حلوه/ بما سافرت ليلا تمرد أو نجما/ تبر بها في حرفكَ الملهم الخطى/ لتكبرها حظا وتوفرها سهما". وعلى رغم من حضور شخصيات أدبية كبيرة في حفل التكريم، إلا أن "الرياض" علمت أن جميع أعضاء النادي الأدبي في المنطقة الشرقية تغيبوا، علما أن الدعوة وجهت لهم من قبل منظمي الحفل، الأمر الذي ترك غيابا أدبيا رسميا رفضه حضور، ورأى عريف الحفل الزميل محمد أمين أبو المكارم في كلمته على منصة الحفل أن "أدبي الشرقية" ما يزال ينتظر أن تأتيه الكرة، بدلا من أن يذهب ويلعب بها، مشيرا إلى أن الشاعر الجشي لم يكن ينتظر، ما جعله يحقق الإنجازات الأدبية الكبيرة. من جانبه شدد القاص خليل الفزيع في كلمة ألقاها نيابة عنه الشاعر عدنان العوامي على أن فقدان مثل هذا الشاعر يعد خسارة ليس على مستوى بلاده، بل على صعيد الوطن العربي، مشيرا إلى تكريمه عربيا في مهرجان القاهرة، وأضاف "رأيت الجشي شاعرا يمتلك زمام فنه ولغته الفنية خاصة به". وزاد "إنه شاعر يستلهم الجمال كما له آراء نقدية رائدة ومتطلعة أقنعت كبار الأدباء في مصر على تكريمه عام 1999في القاهرة". وعلى رغم من مقدرة الشاعر سعود الفرج على رثاء صديقه الشاعر الراحل، إلا أنه فضل إلقاء كلمة مقتضبة، إذ تساءل فيها عن إمكانية أن يسمى أحد شوارع القطيف باسمه، وقال: "إن الشعوب المتحضرة تكرم روادها ليس بالكلام، وهو مطلوب، بل عبر تخليدها إلى الأبد"، مشيرا إلى أن الشاعر أعطى لوطنه الكثير من حقه أن يهبه الوطن ما يستحق، إذ لا بد مكن وضعه في المكان الصحيح. أما الشاعر الفلسطيني مصطفى أبو الرز فرأى أن الجشي شاعر له امتداده الشعري الموصول بكبار الشعراء، وقال في مطلع قصيدته: "هيهات يوما أن يموت الشاعر/ والشعر ينطق بالحياة يجاهر". الأمر الذي اتفق عمليا مع الفقرة الاستثنائية التي ظهر فيها الشاعر عبدالله الجشي في شريط مصور، وهو يرثي المؤرخ الكبير محمد سعيد المسلم عام 1954يشار إلى أن فقرات الحفل كانت مزدحمة جدا، ما وضع اللجنة المنظمة للحفل في حرج مع شعراء معروفين أرادوا أن يلقوا بقصائدهم، منهم شفيق العبادي الذي تأسف الشاعران جاسم الصحيح ومحمد العلي لعدم سماعهما لقصيدته التي أعدها خصيصا للحفل.