ليس غريباً : أن نسمع مفترياً - من هنا أو هناك - يقول: إن الإسلام هو المحرض على (العنف الأسري)، والمحرض - بوجه خاص على (الخشونة والجلافة والقسوة) في العلاقة بين (الزوجين)!! ليس غريباً أن نسمع مثل هذه المفتريات.. فنحن في حقبة .. يهجم فيها النزقون على كل شيء جميل في الإسلام (والإسلام جمال كله)، فيعمدون إلى تقبيحه.. يضم إلى ذلك : أن حقائق الإسلام مغيّبة عن الكثيرين من الناس - مسلمين وغير مسلمين - .. أما الثالثة النحسة فهي: أن في واقع المسلمين من السوء والقبح في العلاقة الزوجية: ما يتخذ ذريعة للطعن في الإسلام.. ومن ذلك علاقة الجلافة والتجهم بين الزوجين في بعض الحالات والبيوت. والذي يعنينا - من قبل ومن بعد - هو (الانتصار) لدين الإسلام الذي أنزله الله جل ثناؤه، وبلغه رسوله العظيم محمدبن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم. إن الزوجة - في منهج الإسلام - (آية) من آيات الله: تتحرك في البيت بهذه الصفة، وهذه المكانة الماجدة البهية: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) "الروم-21".. وهذه آية قرآنية مفعمة بالمضامين العميقة الحميمة الجميلة. 1- مضمون أن الزوجة (كيان معنوي) ينبغي أن يقدر ويحترم ويعز أيما إعزاز. 2- ومضمون أن لفط (زوج) يطلق - في اللسان العربي الأصيل العظيم - على الاثنين - الرجل والمرأة - اللذين ربطت بينهما العلاقة الزوجية، فهي (زوج)!! وهو (زوج)!! كذلك.. وقد نطق القرآن بذلك.. واللطيفة الشفيفة المتألقة - ها هنا - : أن طرفي العلاقة الزوجية قد تداخلا، واندغما، واندمجا، وامتزجا حتى صارا (كياناً واحداً) ذا شقين (ذكر وأنثى)، يكمل بعضهما بعضاً في المودة والإرادة والنظرة والسعي والعلاقة: بلا فردية ناتئة، ولا أنانية ناشزة.. ولأجل ذلك كان الطلاق شاقاً وكئيباً وبغيضاً من حيث أنه يفصم ويصدع الكيان الواحد المندمج المتناغم، ويجعله مزقاً بعد التئام وانضمام ووحدة.. وتُومض إلى هذا الامتزاج والاندغام آية "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن". إذا ما اللباس تداعى عليها تداعت فكانت عليه لباسا في ضوء ذلك، فإن الوداد، والاحترام الجم الصدوق المطرد بين الزوجين هو الذي يمسك الحياة الزوجية أن تزول، ويسكب فيها ما يرويها من المحبة والوفاء: منذ الاجتلاء أو ليلة العرس وحتى الشيخوخة، وما بين ذلك من أيام وليال.وإنما يؤخذ المثال الواقعي والرفيع من أكثر الناس حباً لأزواجه، ومن أحب الأزواج إلى أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم: أ - قالت عائشة: كانت تأتيني صواحبي فكن ينقمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي يتغيبن حياء منه)، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، " يسرّبهن إليّ "، أي يرسلهن بلطف.. قال النووي: "وهذا من لطفه وحسن معاشرته". ب - وقالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته في الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت". ج- وقالت: زففت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي "يا عائشة ما منعكم من اللهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو"! د. - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".. وقمة (الخيرية) وأعظمها وأجملها وأحلاها: خيرية التقدير والاحترام والمحبة والوداد واللطف والأنس والإيلاف. ما سر هذا التحول العظيم الراقي في النظرة إلى المرأة والتعامل المحترم معها؟ السر مجيء الإسلام، وسطوع نوره، وانتشار رحمته. وُئِدت صبايا العُرءب قبل مجيئه وحَيَتء نساء العرب بالإسلام 3- المضمون الثالث من مضامين آية الروم الآنفة هو: أن المرأة الزوج (آية) من آيات الله، وأنه ينبغي (التفكير) السديد الرشيد في هذه الآية؛ إذ ليس من التفكير السديد الرشيد، بل لعله من الإلحاد في آيات الله: أن يفكر الزوج في آيات السموات والأرض، على حين يعطل تفكيره في أقرب آيات الله وهي زوجه التي ينظر إليها في بيته بالغدو والآصال. هيا: انصروا الإسلام بتطبيق منهجه في البيوت؛ ولا سيما في العلاقة بين الزوجين.