بعض الناس يستميتون في الحصول على إجازاتهم السنوية فقط.. ليشبعوا فيها نوماً ! وبعضهم الآخر لا يأخذ إجازاته إلا إذا توفرت له فيها إمكانية السفر إلى أي مكان.. المهم أنه يسافر ليشعر أنه فعلاً في إجازة.. فتراه يطير "وحده" إلى بلاد الله الواسعة، أو يعمل خيراً فيأخذ تحت جناحيه عائلته فيطير بهم "تفسيحاً" و"تسييحاً". أما البعض الأخير فلا يأخذها لسنوات.. تراه متسمراً في مكان عمله يشتغل في كل الأوقات.. في كل الظروف.. وفي كل الأمزجة.. لا يترك مكتبه حتى لو سحبته منه سحباً ! ربما لهذه الفئة تحديداً ألزمت بعض المؤسسات - وبعض الدول كذلك - موظفيها بأخذ إجازاتهم سنوياً، شاءوا أم أبوا.. ويظهر أن هذا المنطلق أصاب مؤخراً وزارة الشؤون الاجتماعية لدينا فأقرت إجبار موظفيها على التمتع بإجازاتهم، في حال تراخيهم عن طلبها، بحجة أن الموظف بحاجة إلى قسط من الراحة لتجديد نشاطه . هذه الحجة بالطبع مشروعة إدارياً، وإنسانياً أيضاً.. وقد يشجعها الكثيرون كما قد ينتقدها كثيرون . ما أعرفه أن وضع النساء الموظفات مع الإجازات يختلف عن وضع الرجال الموظفين، فالموظفة - غالباً - لا تخضع مواقيت إجازاتها لاختيارها الشخصي وإنما تُفرض عليها وفقاً لظروفها العائلية.. ترى الموظفة - الأم تحديداً - تغيب عن عملها مضطرة حين يمرض طفلها فجأة أو يمرض زوجها أو حين تعاني من متاعب الحمل من أولها لآخرها، وكذلك حين حصول طارئ بالبيت لا تستطيع معه التغيب عنه، كهروب الخادمة أو السائق فجأة أو حصول عطل أو ضرر ما.. وما أكثر الظروف الطارئة بحياة المرأة في مجتمعنا . المهم في النتيجة أنك نادراً ما تجد لدى المرأة الموظفة رصيد إجازات لأنها غالباً تكون قد استهلكتها، واستدانت عليها إجازات اضطرارية.. وأخرى بلا راتب! لكن طبعاً هذا لا يمنع من وجود استثناءات نسائية تعشق العمل.. تواظب على الدوام مكتفية بإجازة يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع.. وفي رصيدها مئات الأيام من الإجازات المتراكمة.. ليس لأنها لا تحب السفر، وإنما لأن "مُحرمها" لا رغبة لديه، أو لا وقت عنده، ليرافقها.. حتى لو كان "محفول مكفول" ! انتهت المساحة.. ولم تنته أحوال الإجازات .