أصبح وجود العاملة المنزلية شيئاً أساسياً في مجتمعنا، فلا يكاد يخلو منزل من عاملة أو أكثر. ولعل الهدف الأساسي من استقدام العاملات هو مساعدة ربات المنازل في تدبير شؤون البيت ومن الملاحظ عدم اقتصار دور العاملة على خدمة المنزل فحسب بل أصبحت العاملة وبشكل تدريجي المسؤولة عن تربية الأطفال وتلبية حاجاتهم فهي التي تطعمهم، تلبسهم، تأخذهم إلى المدرسة وتكون بجانبهم معظم فترات اليوم وعند النوم وحتى في تعليمهم أحياناً.. والمراقب لهذه الظاهرة الخطرة والجديرة بالبحث في مجتمعاتنا الخليجية يقف حائراً عن أسباب غياب الأهل وعدم المبالاة عند البعض وكأن الأمر لا يهمهم أو كأن دور بعض الأمهات قد توقف على على دور الإنجاب، إذاً ليس بالغريب أن يحدث فتور عاطفي في علاقة الطفل بوالديه واكتساب تدريجي لخبرات المربية وعاداتها واعتقاداتها وحتى كيفية ردة فعلها تجاه أمور الحياة. فكم من طفل نراه لايتوقف عن البكاء إلا إذا حملته العاملة (رافضاً أمه) وآخر يتأخر في الكلام ويظن الأهل أنه مصاب بمرض ما ويكون السبب أن الطفل قد تعلم لغة العاملة نتيجة لتواجدها الدائم حوله في حين لم يتمكن من النطق بلغته الأصلية (العربية) والنتيجة هو ظهور جيل من الأطفال المشوش فكرياً ونفسياً وحتى عقائدياً.. جيل تأثر بالعاملات اللاتي ينحدرن من مجتمعات وبيئات بعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وعاداتنا العربية الأصيلة. وهنا يجب ألا نلقي اللوم على الأم ونتناسى دور الأب في هذا المجال فدوره كذلك أساسي وانشغاله بعمله يجب ألا يكون حجة لأهمية دوره المكمل في رعاية وتربية أطفاله فدور الأب يجب ألا يقتصر فقط على توفير المال بل من الأفضل أن يكون مساهماً رئيسياً في تربية أطفاله وتنشئتهم. وباعتقادي أنه قد آن الأوان لوضع حد لهذه الظاهرة المؤلمة. ولعل في النقاط التالية بعض الاقتراحات والحلول المفيدة: - 1إستيعادة الأم والأب لدورهما في تربية الأطفال ولتكن من الأولويات فليس من العيب أن تقوم الأم بالاستيقاظ وقت المدرسة وتقوم بإطعام طفلها وتحضير وجبة المدرسة وإلباسه ملابسه وكذلك بالنسبة للأب فعليه هو الآخر تخصيص أوقات خاصة للتحدث مع أطفاله للتعرف على مشاكلهم بعيداً عن زحمة العمل. - 2تحديد وظيفة العاملة منذ التحاقها بالتركيز على تدبير شئون المنزل والطلب من الأولاد الرجوع الى الأبوين في جميع طلباتهم واستفساراتهم. - 3تعويد أطفالنا منذ الصغر على الاعتماد على أنفسهم، تعليم الطفل تدريجياً كيف يغسل يديه ووجهه وينظف أسنانه بالفرشاة وارتداء ملابسه وحتى المساعدة في ترتيب سريره الخاص. - 4في حال وجود ظروف معينة تقتضي وجود الأم خارج المنزل يفضل عمل الآتي: أ - التأكد من قدرة العاملة على التعامل مع الأطفال قبل استقدامها بالسؤال عن خبرات سابقة في هذا المجال والتحدث مع من عملت لديهم من قبل إذا أمكن. ب - الشرح للعاملة للكيفية التي تريدها الأم أن تتبعها في تعاملها مع الأطفال (العقاب مثلاً) بالإضافة إلى اخبارها عن تصرفات أطفالها، أشيائهم المفضلة، الطريقة التي يلعبون بها ... الخ ). ج - إعطاء العاملة أرقام هواتف الأماكن التي يتواجد بها الأب والأم والأقارب وكذلك الإسعاف في حالة الطوارئ.. أخيراً يجب ألا ننسى أن نحث أطفالنا على المعاملة الحسنة للعاملات واحترامهن. وهذا بالطبع ينعكس على معالتنا لهن فيجب أن نكون القدوة لهم. فكثيراً ما نرى أطفالنا يتلفظون بألفاظ معيبة ومهينة على العاملة أو حتى ضربها على مرأى وسمع من الأهل الذين لا يحركون ساكناً. * استشاري طب الأطفال