حذر مقاولون وأصحاب مكاتب هندسية من تجاوزات بدأ عدد من المقاولين بتوسيع رقعتها بسبب غلاء مواد البناء من خلال تلاعبهم في بعض عمليات البناء والمواد لتوفير أكبر قدر ممكن من مصاريف المالية. وطالبوا باتخاذ إجراءات واشتراطات احترازية صارمة تشمل عقوبات وجزاءات على مؤسسات المقاولات الرديئة التنظيم والتنفيذ، أو كما وصفوها ب "الوهمية"، أو كما أشاروا إليها بتلك التي يقودها في الغالب بحسب وصفهم مقاولون يعملون بالتستر أو لحسابهم الشخصي. وقال مقاولون وأصحاب مكاتب هندسية أن 90في المائة من المباني السكنية القائمة، تم بناؤها دون مخططات تفصيلية، فيما تم بناء 10في المائة فقط من هذه المباني دون تصميم تفصيلي. فيما أشاروا إلى أن تدخلات بعض مسؤولي البلديات بشأن بعض الأمور التخطيطية التي تعتبر رغبة خاصة لصاحب المنشأة كموقع مدخل النساء أو الرجال أو منع بناء درج جانبي بحجة عدم استخدامه للتأجير التجاري، وسع من دائرة الارتجاليات التي يقوم بها صاحب المنزل أو المنشأة، والتي تشكل في النهاية أخطاء عدة في تنفيذ المخطط تضر بسلامة المنشأة ككل. وأكد سعود العرج - صاحب مكتب هندسي - أن هناك خسائر طالت أصحاب منشآت سكنية أو خاصة بسبب رداءة تنفيذ مقاولين وصفهم بغير المتمرسين. وقال إن مسلسل الخسائر لا زال يتوالى بسبب رداءة تنفيذ المخطط الذي يجتهد المكتب الهندسي في إخراجه بصورة صحيحة وبأسلوب دقيق وهندسي، مضيفاً أن ذلك ما قد يؤثر على سمعة المكاتب الهندسية واتهامها بالتقصير في جودة إخراج تصميم المخطط. وفي تعقيب من المهندس أحمد الفالح رئيس لجنة المباني في غرفة الرياض على تذمر المكاتب الهندسية وشكواها بسبب سمعتها التي تتضرر لسوء تنفيذ المقاول الذي يعود بأسبابه صاحب المنشأة للمكتب الهندسي مصمم المخطط، أوضح أن المعضلة ليست في المكتب الهندسي الذي يقوم بتنفيذ المخطط بقدر ما تكون اجتهادات يتناوب فيها صاحب المنشأة وبعض مسؤولي البلدية مما ينشأ عنه بعض التغيير في التصميم التفصيلي للمنشأة، مؤكداً أن مشاكل التنفيذ لأي منشأة من الصعب إلقاءها جزافاً على جهة معينة دون غيرها، غير أنه قال أن أطراف العملية ككل هم المكتب الهندسي مصمم المخطط والبلدية وصاحب المنشأة. وقال الفالح أن نسبة 90% من المخططات السكنية الخاصة بالأفراد أنشئت دون مخططات تفصيلية والتي قال أنه لا بد أيضاً أن يكون لها تصميم تفصيلي. مؤكداً أن الخسائر في التنفيذ وليس في الإنشاء، وأضاف أن ذلك يعود لتهرب صاحب المنشأة من إخراج تصميم تفصيلي لعملية بناء كاملة تتمثل بالمعماري والإنشائي والكهربائي وأعمال السباكة اعتقاداً منه بتوفير المصاريف لأغراض أخرى في المنزل قيد الإنشاء. واعترف الفالح بوجود نسبة كبيرة من مؤسسات المقاولات هي متسترة شأنها في ذلك شأن بعض القطاعات الأخرى التي تعاني التستر، موضحاً أن هؤلاء المقاولين غالباً ما يعتمدون على عمالة سائبة لا تختلف كثيراً عن العمالة الرديئة التي نحتاجها أحياناً لإصلاح ما عطب من بعض الأمور داخل المنزل، غير أنه أوضح أن بعض قوانين البلدية ربما جعلت صاحب المنشأة يغير في بعض نواحي البناء التنفيذية. وقال مبرراً ومتسائلاً: ما معنى أن يتدخل مسؤولو البلديات في بعض الأمور التخطيطية التي تعتبر رغبة خاصة لصاحب المنشأة كموقع مدخل النساء أو الرجال أو منع بناء درج جانبي بحجة عدم استخدامه للتأجير التجاري. ويقول علي العمري صاحب مكتب هندسي: عملنا يقوم على الإشراف والتصميم والحسابات الهندسية والحفريات وأشياء أخرى وعليه فنحن نعتمد المخطط الذي يوافق عليه مالك المنشأة ومن ثم نقوم بالإشراف على عملية البناء ككل، مضيفاً أن المشاكل التي تطال مكاتبنا جراء هذه العملية المتشعبة كبيرة، غير أن أهم معضلة بحسب خبرتنا في هذا العمل هو المقاول الذي لا يقوم بتنفيذ المخطط بشكل دقيق مع إحضاره لعمالة في الغالب هي عمالة غير متمرسة بسبب رخص أجورها مما يمكنه من توفير فائض مالي كبير تم دفعه من سنين وتعب صاحب المنشأة التي تم بناؤها. وطالب العمري جهات الاختصاص في البلديات مراقبة ما أسماه ب "المقاولة المتسترة" وقال أنها لا بد أن تتحمل على الأقل مسؤولية إيجاد ضوابط تعين على إرجاع السبب على المقاول وفرض عقوبات صارمة إذا ثبت تسببه بأخطاء أو غش في تنفيذ المخطط، فيما طالب كذلك بوضع ضوابط لا يحق للمالك تجاوزها والتي تتم عبر بعض الاجتهادات الشخصية التي ينوي من ورائها تعديل تنفيذ بعض الأمور في المخطط، وقال أن أخطاء المقاول تنشأ أيضاً من خلال موافقته على بعض التعديلات في المخطط دون الرجوع للمكتب الهندسي لعمل تصميم آخر. وأوضح العمري أن أغلب الخسائر التي يعود بها المالك للمكتب الهندسي متهماً إياه بسوء تنفيذ العمل تأتي بعد استلام الزبون للمخطط ليذهب بعد ذلك إلى مؤسسة مقاولات دون تحري خبرة المكتب والتأكد من سمعته بالسوق وبعد ظهور عيوب في البناء يعود إلينينا متهماً بالتلاعب ومطالباً بالخصم على المقاول المنفذ، مضيفاً أن ما يتم في المكاتب الهندسية عادةً هو عمل فكرة مبدئية عن المخطط وبعد موافقة صاحب المخطط يتم إرساله إلى البلدية لاعتماده ومن ثم يتم عمل المخطط النهائي، وهو ما يتم بعد ذلك التلاعب به إما من قبل المقاول أو من قبل المالك نفسه، وقال أنه يمكن التأكد من هذا التلاعب الارتجالي عبر تنفيذات تسليكية وشبكية وأفياش كهرباء جدارية يتم وضعها وتركيبها بأسلوب عشوائي وهو ما يمكن أن يشاهد بشكل ظاهر في عدد كبير من المباني، مؤكداً أن هناك أخطاء أخرى تظهر تباعاً مع تقادم عمر المنشأة بسنوات قليلة. وأوضح رفعت منصور - مهندس معماري في أحد المكاتب الهندسية- أن هناك حسابات هندسية دقيقة لا يجيدها إلا ذوو أصحاب المكاتب الهندسية، وهي ما يتم إغفالها من قبل المالك أو من قبل بعض المقاولين المنفذين للمخطط، وقال أن على مالك المنشأة السكنية أو أي منشأة أخرى غيرها أن يرجع للمكتب الاستشاري من الصفر وقبل اعتماد أي عملية بناء على أرض الموقع، ومن ثم عليه أن ألا يعود باجتهادات وأفكار أخرى بعد البداية في تنفيذ المخطط المعتمد، معتبراً أي تغيير في تنفيذ المخطط يلغي الحسابات القديمة للمخطط وعليه، يجب عمل مخطط آخر من قبل المكتب الهندسي فقط على ضوء التعديلات المطلوبة. ولم يعلق نائب رئيس لجنة المقاولين بغرفة الرياض حول أهمية وجود لجنة تتبع لإدارة المقاولين بغرفة الرياض وتبحث في قضايا وشؤون وعوائق المكاتب الهندسية، غير أنه أوضح أن الهيئة السعودية للمهندسين لها أنشطة ظاهرة في مجال خدمة المهندسين والمكاتب الهندسية، مضيفاً أن كافة المكاتب الهندسية الموجودة في المملكة تتبع للهيئة بموجب النظام وهي المشرفة عليها وهي من تتولى النظر في شؤونها، وقال أن ذلك لا يمنع وجود لجنة تنظر في قضايا هذه المكاتب، غير أن على المكاتب الهندسية أن تتقدم لغرفة الرياض بطلب تكوين لجنة تختص بالنظر في شؤونهم، وقال أن غرفة الرياض ما وضعت إلا للنظر في مطالب ومصالح رجال الأعمال كما هي القطاعات الأخرى. يذكر أن مهمة تأهيل وتصنيف المهندسين لا زالت حائرة بين البلديات والهيئة السعودية للمهندسين، فضلاً عن أن التواصل لا يزال مفقوداً فيما بين الأمانة والمكاتب الهندسية وذلك فيما يخص التعاميم والتعليمات المستجدة وتكامل العمل وتنظيمه، ويظهر ذلك جلياً من خلال الشكوى التي تقدم بها مؤخراً عدد من المكاتب الهندسية بجدة معترضين فيها على التنظيمات التي وضعتها الأمانة والتي اعتمدت فيها 59مكتباً هندسياً فقط لمنح رخص البناء، في الوقت الذي أكدت فيه الأمانة فشل مئات المكاتب الأخرى ففي تنفيذ متطلبات وفشل مئات المكاتب الأخرى المتستر أعظمها والمخالف بعضها بحسب رأي الأمانة.