ألهمت بغداد "دار السلام" الشعراء على مدى قرون طويلة أروع القوافي مأسورين بمذاق نخيلها وعليل نسيمها وصفاء فراتها وكم كانت مرتعاً للعاشقين وملعباً للاهين.. فكيف بها الآن وهي تحترق وتعيش المحنة بعد المحنة، والدم العراقي ينزف بغزارة وينبجس من أفئدة الأبرياء، وكل تلك المشاهد ألهبت القرائح فجاشت بالقصائد ليكتب الشاعر العربي مأساة المغدورين الذين عصفت بهم أسلحة الديمقراطية الحديثة وهذا ما جعل مؤسسة يماني الثقافية الخيرية أن تختار بغداد محوراً لندوتها الثقافية وأخرجتها في كتاب بعنوان "ندوة بغداد في الشعر العربي" والذي أصدرته المؤسسة مطلع هذا العام وضم بين دفتيه تسعة أبحاث وهي: "ابن الرومي شاعر الحضارة الإسلامية في بغداد" للدكتور علي مصطفى صباح و "سلطة بغداد: النص/ المدينة" للدكتور عالي القرشي، و"ثورة القصيدة البغدادية على تيم القصيدة الجاهلية والأموية" للدكتور طه بوكريشة فيما قدم الدكتور يوسف بكار بحثاً بعنوان "بغداد في ذاكرة الجواهري ومصطفى جمال الدين"، أما محمد يونس عبدالعال فقد كتب عن ملامح من الاتجاهات الشعرية في بغداد ليرى مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية"، كما كتب الدكتور محمد نجيب التلاوي عن "الشعر في بغداد عاصمة الخلافة العباسية ومصدر العلم والإبداع" وخص الدكتور سليمان موافي بحثه عن "البناء الفني للقصيدة البغدادية في معترك القدماء والمحدثين" في حين جاء بحث الدكتور يوسف نوفل عن "بغداد في مرايا الشعر العربي المعاصر". واختتم الكتاب ببحث للدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع عن "بغداد في الشعر السعودي المعاصر" كشف من خلاله عن علاقة شعراء المملكة المعاصرين ببغداد لكون بعضهم عاش فيها أو درس في معهدها أو أنس بزيارتها أو شارك في مهرجاناتها الثقافية فكانت حاضرة في وجدانهم بفضل تأثيرها القوي على ثقافتنا، كما سرد الربيع في بحثه جملة من القصائد التي تصور جمال بغداد وأهميتها وكذلك ما اعتورها من حرب وفتنة ونكبات في سنواتها الأخيرة.