عبدالله محمد السعد العجلان - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - كان مدرسة شامخة يحتذى بها في نُبل الأخلاق والتسامح والكرم ولين الجانب وإتقان العمل، فقل أن تجد هذه الصفات في شخص واحد. لا أعرف من أين أبدأ وكيف أنتهي ليس لعدم القدرة على التعبير ولكن لكثرة صفاته وأهميتها والتي من الصعوبة بمكان حصرها ولكثرتها يطول سردها، فقد عرفته إنساناً متسامحاً لدرجة كبيرة، محبوباً لدى الجميع، منظماً جداً في أوقاته سواء اليومية أو المستقبلية، يعرف ماذا سيفعل يثمّن الوقت مما جعله دقيقاً في مواعيده يعمل بصمت فينجز الكثير من الأعمال الشاقة جداً دون أن يتكلم أو يوضح للآخرين إنجازاته المستمرة، لا يحب الظهور الإعلامي في حياته أو لإنجازاته التي قام بها، وكان أثناء أدائه لعمله يهون الصعاب فمنذ أن عرفته وهو يهون الأعمال الشاقة ويبسطها جداً مما يثير استغراب العاملين معه، كان محباً للجميع طيب القلب يعطف على الصغير ويقدِّر الكبير، نشيطاً جداً يبدأ عمله باكراً منذ القدم لا يعرف الكسل بتاتاً، واضحاً جداً في تعاملاته وقراراته، فلم يكن غامضاً أو متردداً في قراراته مما جعله ينجز الكثير من الأعمال بكل يسر وسهولة مما كان له الأثر الطيب في محبة من تعامل معه، كما كان رحمه الله محسن الظن بالجميع، متفائلاً دائماً يسعد من حوله ومن قرب منه، كما تميز بإتمام العمل الذي يتولاه بكل براعة وإتقان ويتمه على الوجه الأكمل في فترة قصيرة. لقد كان أخي كريماً لا يعرف الشح له طريقاً، لا يبخل بما لديه فتجود يمينه بما يستطيع، فكل من كان حوله رحمه الله له مواقف خالدة معهم، والمواقف كثيرة فقد عاش حياته كاملة يبذل بسخاء دون منة بماله وجاهه وأخلاقه ويشهد له حسن تعامله مع من حوله ومع الآخرين بذلك، مع أنه كان دائماً لا يرى أن له معروفاً على من ساعده، وكان آخر كرمه وحبه للآخرين في اليوم الذي سبق وفاته وعند إحساسه بقرب المنية قال لنا نحن إخوانه وأبناءه :لقد تبرعت بكامل أعضائي لوجه الله سبحانه وتعالى لمن يحتاجها عند وفاتي، فندعو الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته. أما من ناحية إخوانه فقد بذل لنا كل ما بوسعه وكان يحرص جداً على جمعنا ويعمل الكثير من أجلنا ولم يتوان يوماً ما على تقديم ما فيه صلاح لنا، كما كان يقول إننا قطعة منه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، بل قد كان له الفضل مع بقية الأخوان بعد الله سبحانه وتعالى في تطوير الشركة التي أسسها والدنا رحمه الله تعالى حتى وصلت لما هي عليه اليوم. أما أعمال الخير فكانت جزءاً من حياته فقد عمل أعمالاً كانت لا تعلم شماله ما قامت به يمينه، وكان يعمل العمل لا يرجو منه سوى الأجر والمثوبة من الله سبحانه كما كان يحرص كل الحرص على ستر العورات، وكان يتقي الله في كل من يعمل معه سواء كانوا موظفين أو عمالاً، فكان يساعدهم ويقف إلى جانبهم ويجبر كسرهم ويسد حاجتهم ويعالج المريض منهم حتى أإنه كان يقف إلى جوار أيتام من توفي منهم ويقدم العون لهم حتى إن هناك الكثير من الأعمال لا يبلغنا نحن إخوانه بها، أما عن موظفيه، ومن يتعاملون معه فقد وصفوه بأنه رب الأسرة داخل الشركة ورجل دولة أثناء اتخاذ القرار لما يتمتع به من العقل والفطنة والحنكة في تسيير أمور الشركة، وقد أبلغنا أحدهم بأنه تيقن لحسن خاتمته وهو لا يعلم بها وذلك من سياق آيات القرآن التي كان يتلوها قبل الصلاة عليه وقد تأكد له حُسن ظنه بعد سماعه من أحد الإخوان نطقه بالشهادتين قبيل وفاته رحمه الله. أما عندما أصيب أخي بمرضه قبل عدة أشهر رحمه الله لم يضجر ولم يجزع بل رضي بقضاء الله وقدره وكل من زاره خلال تلك الفترة قال عنه إنه سليم معافى لا يظهر عليه المرض، بل ذهب البعض إلى أنهم كانوا يعتقدون أن تشخيص الأطباء لحالته غير صحيح لأنهم يرونه متماسكاً يضحك من قلبه ليس عليه أي أثر نفسي بأنه مريض يمازح الجميع ويؤدي عمله خلال تلك الفترة على أكمل وجه حتى وهو في رحلة علاجه بالخارج، علماً بأن جميع موظفيه لم يشعروا بأنه يشتكي من أي عارض صحي في حين أنه يعلم أدق التفاصيل عن مرضه حتى إن الأطباء أثنوا عليه وأُعجبوا بشخصيته لسهولة التعامل معه وشجاعته ورضاه بما قسم الله له، أما عندما اشتد عليه المرض في آخر حياته بعد قدومه من الخارج أثناء علاجه، لم يجزع أو يسخط أو يتوجع وهو في آلام لا يعلمها إلا الله سبحانه، وإنما كان راضياً محتسباً لله بقضائه وقدره عليه وكان يقول لنا: إذا أصبتم بأي شيء في هذه الدنيا صغيراً أو كبيراً فارجعوه إلى الله ولن تخسروا بإذن الله، وعندما اشتد المرض عليه ظهر علينا التأثر أكثرمنه نحن إخوانه وأبناءه والله يشهد بذلك وكان رحمه الله يردد دعاء لن أنساه ما حييت ألا وهو (الله الله ربي لا أشرك به شيئاً) فكلما اشتد عليه المرض كان يرددها وكل من كان يزوره أو يقرأ عليه خلال مرضه الذي لم يمهله طويلاً كان يرى إنساناً صابراً وراضياً بما قسم الله له وهو في آلام لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى أما خاتمته فكانت أمنية لكل مسلم فقد كانت على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقد أدى صلاة الظهر وهو في كربة سكرات الموت وبعدها كرر ذكر الله سبحانه وتعالى مرات عديدة حتى انتقل إلى رحمة الله جوار ربه. كما أن ما خفف من أحزاننا في رحيل أخينا الغالي على أنفسنا هو حُسن خاتمته ولله الحمد وكذلك كثرة المصلين عليه والمعزين فيه، فقد اجتمع له عدد كبير امتلأ المسجد بهم أتوا للصلاة عليه والدعاء له بالمغفرة والثبات وهم يدعون له من القلب وليس لأجل المصالح الدنيوية، وأخيراً ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجبر كسرنا في فقد أخينا ويجمعنا ووالدينا وإياه في جنات النعيم. وفي الختام هذا أخي وأعتز بأنه أخي ومن أعماق قلبي أقول وبكل صراحة إن أجمل ما في الحياة محبة الأخ لأخيه فهي من نعم الله علينا، وصلى الله على رسولنا محمد.