لماذا لقاءات الزعيمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفخامة الرئيس حسني مبارك، غالباً ما تأتي بدون "بروتوكولات" أو دعوات مسبقة، واعتبارها مفتوحة في أي وقت تبعاً لأي حدث مستجد، أو مستمر، وتلقائية رغم أهمية الظرف، والموضوع؟ قطعاً هناك الدور الذي تلعبه كل دولة في محيطها، وخارجه، وتسميتهما بالدول المعتدلة نص إيجابي، لأن الاعتدال سمة التعقل، وضد التطرف والتشنج، وقد شهدنا كيف أن الساحة العربية المضطربة بأحوال فلسطين، والعراق، ولبنان، والأزمات العربية المتلاحقة داخل الكثير من الدول تعالج في مستشفى الدولتين، وحتى مع التعارض، وأحياناً القطيعة مع بعض الأنظمة العربية، فإنهما المرجع النهائي لصانعي القرارات الدولية شبه الملزمة.. في قمة شرم الشيخ، المعروض أكثر من المحلول للقضايا العربية، لكن الدبلوماسية العاقلة والهادئة، غالباً ما تعالج الأمور بروحية الدولة المسؤولة، ولذلك غابت الخلافات بين البلدين لصالح هدف قومي، ولتلاقي الأفكار وحتى المناهج السياسية بينهما.. فاللقاء يتجه إلى أحداث القمة في دمشق، أي أن فشلها يغيّب العمل العربي الواحد، لكن المعالجات لا تأتي من خلال الصدمات، وإلا لأصبح الافتراق كبيراً واللقاء صعباً والأولويات هنا تذهب إلى التفكير جدياً بفصل جديد يصاغ للمنطقة من خلال دق طبول الحرب على أكثر من جبهة، وربما قبل نهاية مرحلة حكم بوش.. وإذا كان العراق حاضراً على المستوى الدولي، وخاصة أمريكا التي غرقت في نهريه وذابت في مساحته وتعقيدات الداخل الاجتماعي، وما أحدثه الاحتلال من تطورات أرست ما نطلق عليه الحرب الأهلية المحدودة، فإن إيران وسوريا، وحزب الله على قائمة الاستهداف من قبل إسرائيل وأمريكا لجعل موازين القوى متباعدة .. وحتى لا تقع كارثة كبرى من خلال جنون أمريكي، وإيحاء إسرائيل بالخطر الذي يتعرض له أمنها، فإن خادم الحرمين الشريفين والرئيس حسني مبارك، هما من يستطيع حشد القوى العربية والإقليمية، وحتى الدولية للوقوف على مخاطر أي مغامرة تنشأ من خلال صدامات عسكرية، وبالتالي لابد أن تكون البيئة العربية صالحة للتفاهم والتصالح مما يوجب أن توحدها ضرورات الأمن القومي، وقبل أن تقع أي مفاجآت جديدة.. ومثلما جُمّد الوضع الفلسطيني حتى في وجود مباحثات مع إسرائيل، فإن العراق قاطرة تسحب معها إيران وحزب الله، وحتى دمشق، ولهذا السبب، فإن استشعار الخطر ومعالجته قبل أي تطور آخر ليسا مطلباً عربياً، أو ضرورات أمنية قومية فحسب، وإنما لتقاسم المسؤولية، وعلى مستوى من الشجاعة والفهم لكل المخاطر القادمة المحيطة بنا.. أما أن تدار الأمور بتهوين القضايا، وتحويلها إلى شعارات أو تصغير للخصم فإن احتمالات الوقوع بأخطاء السياسات القديمة يمكن أن تتكرر، وهذا القول لا يأتي لقبول كل ما تعرضه أمريكا، أو تفرضه إسرائيل، وإنما لتعزيز الجبهة العربية حتى نحاور من مبدأ التماثل ليس بالقوة العسكرية، وإنما باستشعار النتائج الخطرة عربياً ودولياً، وهو ما يستهدفه لقاء قمة الزعيمين العربيين..