حضور مسرحية من إخراج شادي عاشور يعني أنك ستستمتع وأنت تفكك رموز العرض محاولاً الوصول إلى روح الفكرة كما أن مشاركة ممثل فنان بحجم أسامة خالد يعني الكثير للعرض خصوصاً أنه من قدم "الحقيقة عارية" في وقت سابق ونال عنها الثناء بقوة حضوره على خشبة المسرح، وبعيداً عن تمثيل أسامة خالد في مسرحية (الرقص مع الطيور) والذي منحته لجنة التحكيم في مهرجان المسرح السعودي الرابع وأعطته جائزة أفضل ممثل رغم أنها ظلمته حين أعطته الجائزة بالمناصفة مع ممثل آخر، عموماً كانت المسرحية مميزة جداً وتحمل فكراً فنياً متطوراً يشي بعودة الحركة المسرحية السعودية إلى سابق عهدها ونشاطها. الرقص مع الطيور وإبهار الحضور عند عرض المسرحية لم يتوقف التصفيق فبين لمحة فنية وأخرى يهدر التصفيق في أرجاء المسرح من قبل الجمهور الذي شاهد عرضاً مميزاً بكل المقاييس، فمنذ البداية وعندما توجه الجمهور نحو المسرح رأى الجميع على الباب الخارجي لوحة كتب عليها "مستشفى الأمراض العقلية" وكأن في ذلك تمهيداً للجنون الإبداعي الذي يتوعدنا به المخرج شادي عاشور ولكي نقبل تصرفات المجانين الذين عبروا بحركة جسد رائعة عن هموم أمة وأوضاع شعوب تقوم بصناعة رموزها وتقوم هي أيضاً يتحطيمهم في إسقاط سياسي على ما حدث في العراق وغيرها. من الواضح كم الجهد الذي بذله المخرج والممثلون في الحركة المسرحية والتي اتقنوها بأسلوب متقن يدعو إلى الاستغراب في ظل عدم وجود معاهد تعلم فن الرقص الإيمائي والتعبيري فقدموا نموذجاً رائعاً للفنان المسرحي الذي يحتاج للمرونة لتطبيق فكرة العرض، وقد كان الممثل نايف فايز بإبداعه المتجلي أحد من يستحقون جائزة أفضل مثل ثان. إن حضور جمعية الثقافة والفنون بالرياض بهذه المسرحية وبهذه القوة وحصدها لمعظم جوائز مهرجان المسرح السعودي الرابع يعد أمراً مبشراً بعودة الحركة إلى عروق الجمعية خصوصاً مع التغييرات الكبيرة التي تحدث في كواليسها والمتزامنة مع توجه الجمعية للاعتماد على الفنانين الشباب الذين خلقوا للجمعية مكانة حقيقية بحصولهم على الجوائز والمنافسة القوية أمام فروع أخرى كانت منذ سنوات تسيطر على جوائز المسرح في الجنادرية وسط غياب كامل لجمعية الثقافة والفنون بالرياض.