منذ توفر عقار الفياغرا في الأسواق في سنة 1998م واستعماله في جميع أنحاء العالم من قبل الملايين من الرجال المصابين بالعجز الجنسي حصل تحول جذري ومثير في معالجة تلك الحالات التي كانت تحتاج في الماضي الى وسائل معقدة كحقن العضو التناسلي بالموسعات أو غرز البدائل السيليكونية داخل الأجسام الكهفية أو استعمال مخيلة الهواء للحصول على انتصاب صلب والمحافظة عليه لمدة كافية للاستمتاع الكامل بالمجامعة مع حصول النشوة والقذف. وفي سنة 2003م نزلت الى الأسواق منشطات جنسية جديدة هي السياليس وليفيترا المشابهة كيماويا للفياغرا مع بعض المزايا الفريدة لكل منهما فأعطت كأختها البكر نتائج جيدة مع مضاعفات غير خطيرة في معظم تلك الحالات. فهل هذا يعني أننا توصلنا الى آخر المطاف في معالجة العجز الجنسي بنجاح وأننا لا نستطيع تجاوز تلك المنشطات كما يعتقد العديد من الأخصائيين وحتى المرضى أنفسهم؟ وكما ذكرنا في كتابنا "الصحة الجنسية" دليل طبي كامل لمعالجة الأمراض الجنسية وبناءً على افتتاحية حديثة نشرت في مجلة "جراجة المسالك البولية والتناسلية" الأمريكية في ربيع الأول 1429ه الموافق شهر مارس 2008م بقلم الدكتور كوسيبلي من جامعة فيرجينيا هنالك عدة نقاط حول مستقبل المعالجة الدوائية للعجز الجنسي يجب أخذها بالإعتبار ومن أبرزها: 1فشل المنشطات الجنسية في بعض الحالات ان الخبرة العالمية وبناء على خبرتنا الشخصية في استعمال المنشطات الجنسية كالفياغرا والسياليس (سنافي) ولفيترا في معالجة العجز الجنسي على آلاف المرضى فإنها قد تفشل بنسبة 30% الى 40% في مساعدة الرجال المصابين به في الحصول على انتصاب جيد والمحافظة عليه لمدة كافية للاستمتاع بمجامعة ناجحة. فهذا يعني أن العديد من المرضى قد لا يحصلون على النتائج المتوقعة باستعمالهم أي من تلك المنشطات التي تعتبر متساوية بنتائجها وسلامتها مما يخلق لديهم يأساً وخيبة أمل وقنوطاً واكتئاباً خصوصاً اذا ما كانوا مصابين بداء السكري حيث تكون نسبة النجاح حوالي 50% أو اذا ما تعرضوا الى استئصال جراحي كامل للبروستاتا المصابة بالسرطان حيث يتدنى معدل نجاح تلك المنشطات الى حوالي 35%. وفي حال الفشل الأولي بالمنشطات فقد يعزف العديد من هؤلاء المرضى من استشارة الطبيب ومحاولة استعمال وسائل أخرى. انه من البديهي أننا لا نزال نفتقر لعقاقير جديدة تتفوق بفعاليتها وسلامتها على المنشطات المتوفرة حالياً والتي قد ترتكز على آليات مختلفة تماماً عن التغيرات الكيماوية التي تساعد على توسيع شرايين وجيوب العضو التناسلي لمدة طويلة كما يحصل باستعمال المنشطات الجنسية. وقد تركزت الأبحاث العالمية المكثفة على انتاج عقاقير كيماوية جديدة تعمل مباشرة على مراكز الانتصاب في الدماغ لتعديل السلوك الجنسي ومعالجة الاضطرابات الجنسية ومن أبرزها عقارين "أبومورفين" وبريمولانوتايد اللذين يرفعان نسبة مادة الدوبايين في الدماغ التي تلعب دوراً أساسياً في تعديل وتنشيط الطاقة الجنسية. وقد نجحت تلك العقاقير التي تعمل مركزياً في الدماغ خصوصاً مع دمجها بالمنشطات الجنسية كالفياغرا واخواتها في حالات فشل تلك المنشطات على الحصول على نتائج جيدة في العديد من الاختبارات الأولية. ومن النظريات الحديثة التي برهنت على فعالية جيدة استعمال العلاج الجيني في معالجة العجز الجنسي مع نجاح مستمر لمدة شهور أو سنوات اذ أنها قد تعوض نقص الأنزيم المسؤول على انتاج مادة أكسيد النيتريك الأساسي في عملية الانتصاب وقد تعمل أيضاً عبر قنوات ه و ك وكيناز - Rho التي تعمل على إرخاء العضلات الملساء في شرايين وجيوب الأجسام الكهفية مما يساعد على تدفق الدم داخلها وحصول انتصاب صلب وطويل المدى. وهنالك أيضاً مواد جديدة كالميلانوكورتان وغيرها التي برهنت على فعالية عالية في معالجة العجز الجنسي. 2هل الانتصاب الجيد وحده كفيل في إنجاح العملية الجنسية؟ إن المجانسة الناجحة كما شرحنا في كتابنا "الصحة الجنسية " لا تعتمد فقط على الحصول على انتصاب جيد بل انها ترتكز على عدة عوامل أخرى كالتبادل العاطفي والحنان والحب والاحترام والتواصل وجو مريح وممتع وخبرة في استعمال الوسائل الأساسية والضرورية في الإثارة الجنسية المتبادلة وبلوغ النشوة عند الزوجين. فإنه من المؤسف أن يعتبر الرجل أن نجاحه في الحصول على انتصاب جيد كفيل في إنجاح العملية الجنسية ولو أنه قد يكون ضرورياً في معظم الحالات متغاضياً عن أهمية دور الزوجة والعوامل النفسية في بلوغ ذروة اللذة الجنسية. فالجدير بالذكر أن الأبحاث الحديثة تتركز أكثر وأكثر على العامل الأنثوي ودور الزوجة الهام لإشباع الرغبة الجنسية عند الزوجين والتأكيد على عدم إصابتها بالاضطرابات الجنسية التي تحصل بنسبة حوالي 53% عند النساء في الولاياتالمتحدة ومعالجتها بالأساليب الناجحة والاهتمام بإرضائها جنسياً وتلبية حاجاتها للتمكن من بلوغ ذروة الإتصال الجنسي الممتع. 3- الانتصاب وحده لا يكفي لبلوغ الصحة الجنسية المميزة ثمة علاقة مباشرة بين العجز الجنسي وعدة أمراض كداء السكري وارتفاع الضغط الدموي والأمراض القلبية والوعائية والإصابة بالفالج والذبحة القلبية والموت المفاجيء. وقد برهنت عدة اختبارات أن العجز الجنسي قد يسبق الإصابة بمرض قلبي أو وعائي مهم بمعدل حوالي سنتين وقد يساعد على تنبؤ حصول المضاعفات القلبية والوعائية مستقبلياً مما يستوجب إجراء الفحوصات الشاملة على القلب والقيام بالمعالجة الفورية حتى في غياب أية أعراض سريرية للوقاية من رواسب ومضاعفات الأمراض القلبية والوعائية. ففشل الحصول على الانتصاب او المحافظة عليه لا يتعلق بالنشاط الجنسي وحسب لا بل يتعداه ليشمل جميع الشرايين التي قد تصاب بالتصلب العصيدي نتيجة شذوذ بطاني داخلها قد تكون أول علاماته العجز الجنسي. - 4هل جودة الإنتصاب تعادل جودة الحياة لا يمكننا في الوقت الحاضر اعتبار الانتصاب الجيد كعنصر كفيل في التعبير على جودة الحياة العامة بالنسبة الى الصحة الجنسية المتكاملة والمتميزة. هنالك عدة وسائل إضافية تساعد على تحديد جودة الاتصال الجنسي عند الزوجين ورضاهما عنه افرادياً وحتى بالنسبة الى التقدير الذاتي لديهما مما قد يساعد على تفهم أعمق لمعنى الجنس بالنسبة الى كل منهما. فأهمية الصحة الجنسية المميزة بالنسبة الى التمتع بجودة الحياة وصحة عامة جيدة قد أصبحت واضحة في الوقت الحاضر أكثر مما كانت عليه في الماضي وفتحت آفاقاً جديدة لاكتشاف وسائل علاجية متقدمة لا ترتكز فقط على الحصول على انتصاب صلب والمحافظة عليه.