سعادة مدير تحرير جريدة "الرياض" الأستاذ تركي السديري.. سلمه الله لقد قرأت عبر إحدى صفحات جريدتكم الرائدة (صفحة الرأي) العدد (14300) في يوم الأحد 1428/8/6ه الموافق 19/أغسطس/2007م ما كتبه الدكتور: إبراهيم بن عبدالله السماري في مقالته المعنونة ب: ماذا قال ابن جبرين عن الأمير ابن مساعد؟ وإنني عبر هذه الأسطر لأقدم لكم شكري الخالص في إتاحة الفرصة للكُتَّاب والمؤرخين لطرح ما لديهم من إسهامات تصب جميعها في خدمة هذا الكيان الشامخ وتدوين مآثر أولئك الرجال الذين سجلوا أسمائهم بمداد من ذهب في ذاكرة التاريخ تحت لواء وقيادة الملك الراحل الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود رحمهم الله جميعاً، ولا أنسى أن أشكر كاتب المقالة الذي أتحفني بما قرأته من جوانب اشتملت عليها مقالته المبنية على الطرح العلمي من توثيق واستناد واقتباس. لعل ما قرأته في هذه المقالة ليشدني للتعقيب والإشادة بما ذكره كاتبها وما أردت طرحه ينحصر في قالبين أولهما متعلق بشخصية والدي الأمير عبدالعزيز بن مساعد رحمه الله رحمة واسعة أما ثانيهما فهو متعلق بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وذكر دوره الريادي في حفظ تاريخنا الوطني. أولاً: فيما يتعلق بالحديث عن شخصية والدي عبدالعزيز بن مساعد رحمه الله فمن خلال قراءتي لما كتبه الدكتور السماري استوقفتني هذه الكلمات (فإن كثيراً من جوانب سيرته "ابن مساعد" وجهوده لا تزال مجهولة لدى كثير من الناس لا أقصد عامة الناس بل أعني الباحثين، فقد أزعجني حقاً أن بعضهم يجهل أنه ينتمي إلى أسرة آل سعود!). ففي ما ذكر سابقاً أحببت أن أوضح للدكتور السماري بأنه ليس كل باحث مختص بل هناك من يبحث من واقع تخصص وهناك من يبحث تدفعه الهواية وحب الاطلاع للبحث، وهذا الفرق بين الباحث التاريخي المتخصص والباحث الهاوي، فالأول يبحث من واقع تجربة وعلم وإدراك وفهم لما يعنيه التاريخ سواء تاريخنا الوطني أو التاريخ بوجه عام، فتجده أكثر دقة في طرحه وبحثه حتى إن لم يثر جوانب بحثه في موضوع معين. أما الباحث الهاوي غير المتخصص ففي الغالب يكون طرحه عابراً ولا يمحص معلومته سواء في مجال التاريخ أو غيره من العلوم الأخرى. كما لا أنسى أن أذكر بأن هناك جوانب قصور أخرى فيما يتعلق بما كتب عن عبدالعزيز بن مساعد من حيث عدم الارتقاء بما كتب عن ابن مساعد إلى ما قدمه من جهد في حياته الحافلة بالعطاء. كما أن ما طرحه لم يعط الاهتمام الملحوظ والمشار إليه بالبنان ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في كتاب حسن سليمان (الذي لم يأل مؤلفه جهداً في تدوين تاريخ حياة ومآثر ابن مساعد) ففي ما يتعلق بالوثائق والمراسلات بين الملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك وبين ابن مساعد وغيرها من الوثائق الهامة التي تصل ابن مساعد أو يكتبها والتي تمت كتابتها أثناء توحيد هذه البلاد على يد الموحد رحمه الله الملك عبدالعزيز، لقد طرحت هذه الوثائق على صفحات الكتاب طرحاً عادياً فتجد في بعض الصفحات ثلاث وثائق تم إيرادها مرة واحدة وهنا أود أن أقول إن تلك الوثائق تمثل بعداً آخر للباحث التاريخي، فلو اعتني بطرحها بحيث خصص لكل وثيقة صفحة وفي المقابل طباعة الوثيقة حتى يتسنى للقارئ معرفة جميع محتوياتها وبعد ذلك يتم التعليق والتعريج على ما تشتمل عليه تلك الوثائق من توجيهات وأوامر وايضاحات لكان المردود والفائدة من الناحية العلمية أكثر شمولاً. أما القالب الآخر والمتعلق بدور سمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله في حفظ تاريخنا الوطني بصفته رئيساً لمجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز فهذا ما يجب الوقوف عنده حيث قدم سموه جهوداً جبارة وعمل واضحاً للعيان ظهرت من خلاله دارة الملك عبدالعزيز بالشكل الذي أسست من أجله حتى أصبحت الرافد الرئيس لحفظ تاريخ الدولة السعودية في مراحلها الثلاث. إن المتابعة المستمرة من لدن سموه في هذا الجانب لتعتبر الدعم الأول لجميع العاملين في دارة الملك عبدالعزيز لتقديم الأفضل بل وعمل ما هو متميز سواءً ما قدم من تسهيلات للباحثين والابحثات عبر مركز المركزين اللذين أسسا لغرض خدمة البحث التاريخي بشقيه أو من خلال إنشاء مركز التاريخ الشفوي وذلك من أجل نقل تاريخنا من أفواه وذاكرة كبار السن والمعاصرين لفترة توحيد البلاد أو المكتبة الخاصة بالدارة والمشتملة على مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة وغيرها الكثير والكثير مراكز وأقسام الدارة والتي تهدف جميعها لهدف وغاية واحدة بل تجاوز الأمر البعد التاريخي ليكون مركز الملك عبدالعزيز التاريخي رمزاً من رموز النهضة الحضارية في بلادنا ومحط أنظار السياح من أهل البلاد ومن خارجها حتى أصبح ذلك المركز صرحاً حضارياً متربعاً في قلب الرياض. أعود وأقول إنه من الأعمال والجهود التي لا تغيب عن ذاكرة كل مهتم وباحث ما تبنته دارة الملك عبدالعزيز وبتوجيهات من سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز وذلك من خلال إقامة ندوات تسلط الضوء وتعطي الباحثين دائرة أوسع لخدمة وذكر مآثر أولئك الرجال الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل هذه البقعة الطاهرة حتى استتب فيها الأمن وعم الرخاء أرجائها. بدءاً بندوة الملك الموحد رحمه الله الملك عبدالعزيز، ثم ندوة الملك سعود ثم ندوة الملك فيصل ثم ندوة الملك خالد رحمهما الله جميعاً. أجدها فرصة لأقول بأن عبدالعزيز بن مساعد له حق علينا جميعاً ولعل حرص الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله على الاهتمام بتاريخ هذه البلاد وحفظ سير ومآثر ملوكها ورجالاتها ليجعلني أشعر بأنه لن يغفل هذا الجانب وكما عود الجميع حفظه الله من خلال المتابعة والتوجيه بإقامة ندوة يقوم فيها الباحث بطرح ما لديه من كتابات وبحوث تتحدث عن حياة ومآثر ابن مساعد رحمه الله حيث إن أبا فهد هو من على عاتقه قامت هذه النهضة العلمية التاريخية مكونة ثقافة لطالبها في الجانب التاريخي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله.