في كل مرة أقرأ فيها خبرا أو مقالا عن معاناة السعوديين مع مظاهر التضخم وغلاء الأسعار أو أقرأ فيها بريدا الكترونيا بعثه لي أحد القراء عن تردي أوضاعه المالية مع ارتفاع الأسعار الذي يستنزف مدخوله الشهري ومدخراته الباقية . أو آخر يخشى على نفسه من عواقب تراكم القروض والديون التي تأكل جلّ راتبه وكأنه يعمل سخرة لها لا لنفسه! أجد الذاكرة تعود بي وبقوة للوراء لأسترجع قصاصة ورق من صحيفة قديمة لرسم كاريكاتيري لرسام الكاريكاتير السعودي (الخرجي) عن الإسراف في المجتمع السعودي. يوجد بها قطط سمان تتجمع حول نفايات البيوت. لا أذكر سبب احتفاظي بتلك القصاصة بين ثنايا مراجعي الدراسية لكنها كانت حاضرة أمامي في كل مرة أحتاج فيها لتلك المراجع. ترى ما ذا حل بقطط الشوارع السمينة؟ هل لا تزال سمينة ؟ لم أر أو أقرأ أي خبر عنها منذ ألقت أزمة التضخم وغلاء الأسعار بظلالها على المجتمع السعودي! ترى هل أثرت فيها ظاهرة التضخم، هل لا يزال الإسراف ظاهرة في المجتمع؟ أم أن المجتمع السعودي باستثناء الطبقة الغنية أو المستفيدة من الظاهرة، لم يعد لديه من فائض ليسرف فيه حتى وإن تاقت نفسه لذلك، سؤال يستحق البحث والدراسة. أقصى ما أخشاه هو أن تبدأ المجتمعات الدولية وهيئات حقوق الحيوان في البحث عن مصير هذه القطط والمطالبة بدراسة وضعها وربما تصحيحه! فإن كانت لاتزال سمينة فالواجب علينا أن نوفر برامج تأهيل صحية لها لنحميها من مخاطر السمنة على صحتها العامة وعلى سلوكها أيضا، لتظل رشيقة قوية قادرة على القفز والهروب والاختباء إذا ما طمع بها جائع أو فكر في مهاجمتها أحد. وإن كانت ضعيفة هزيلة أو جائعة فمن الضروري أن نخصها بشيء من طعامنا حتى ولو قلّ، كي لا تضعف أكثر أو تموت. وتلك هي مسئوليتنا لأننا عودناها على التهام الفائض منا وسمحنا لها بالتكاثر والكسل. فإذا كان التضخم قد أصابنا وفعل فعلته في أسعار مساكننا وطعامنا فذلك هو همنا وليس همها أو ذنبا لها. لم تسكن مساكننا ولم تدخلها لتأكل. بل استوطنت شوارعنا وعاشت وربت شحومها على الفائض، فلماذا نسيناها واحترنا في تحديد موقفنا منها ونحن الذين ربيناها واعتدنا وجودها ولم نستنكره! كُرهنا لها ليس سوى حكم جائر، لأننا نمارس فيه المطالبة النرجسية بحقوقنا دون أن نكلف نفسنا العناء في فهم طبيعتها وعاداتها أو أسباب تطفلها وزيادة وزنها وتضخم شحمها أو ترهله . لأنها ببساطة مجرد قطط لكنها مدللة. ولأن قططنا السمينة مدللة من الصعب جدا إجبارها أو التخلي عنها، فليس هنالك ما هو أصعب من تغيير عادات الكائنات المدللة.