تتصدر حوادث السيارات الأسباب الرئيسية لحدوث الوفيات عند المراهقين مابين سن 15- 20سنة وتشير إحصائيات عالمية حديثة أن هناك ما يزيد عن 5000شاب يفقدون حياتهم سنوياً بسبب حوادث السيارات ناهيك عن عشرات الآلاف ممن أصيبوا إصابات جسيمة نتجت عنها إعاقات دائمة. وإذا نظرنا إلى المراهقين الذين يقودون السيارات نجد أن نسبة وقوع الحوادث عند من بلغت أعمارهم السادسة عشرة تزيد بعشرين ضعفاً عن أخوانهم الذين يكبرونهم في السن. ويمكن حصر أسباب تعرض السائقين من المراهقين لارتكاب الحوادث في ثلاثة أسباب رئيسية: السبب الأول: السرعة الزائدة وعدم القدرة على التحكم بالسيارة، إضافة إلى تباطؤ ردة الفعل والمحاكمة العقلية وسرعة التصرف في حالة مواجهة أي طارئ أثناء القيادة ومما يزيد الأمور تعقيداً حب العديد من المراهقين إلى قيادة السيارات ليلاً. السبب الثاني: يعود إلى سهولة انصراف انتباه المراهق عند قيادة السيارات سواء كان ذلك بالحديث مع رفاقه أو نتيجة للاندماج بسماع الأغاني أو التحدث بالجوال مما يعيق التركيز أثناء القيادة. السبب الثالث: تتضمن معظم مراكز تعليم قيادة السيارات حول العالم 30ساعة من المحاضرات وست ساعات خلف عجلة القيادة وهذا بالطبع ليس كافياً للمراهق لاكتساب الخبرة الكافية للإلمام بقيادة السيارة. أما حالنا في المملكة مع مراهقينا وقيادتهم للسيارات فليس بأحسن من بقية دول العالم بل قد نتفوق عليهم بمراحل. فنظرة سريعة إلى شوارعنا نرى ما تشيب له الرؤوس، فلقد حولت مجموعات مختلفة من المراهقين وصغار السن (لاتتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة) شوارعنا إلى ساحات للسباق واستعراض العضلات، فكثرت الحوادث والوفيات وقد لا يمضي يوم إلا ونسمع بموت شاب أو نعي آخر ليس بمفرده بل قد يكون مع مجموعة من رفاقه أو من كانوا في صحبته لسرعته وتهاونه بالقيادة. والسؤال الملح والذي يطرح نفسه بقوة، أما آن الآوان للاستفادة من الأخطاء وفتح صفحة جديدة لغد مشرق لشبابنا، إن ما سأطرحه من أفكار واقتراحات جديرة بالتفكير والمساءلة. السيارة ليست بلعبة فحب المراهق لامتلاك سيارته الخاصة لايعني بحال من الأحوال الانقياد لرغباته وبذل جميع السبل إلى إصدار تصاريح للقيادة لأن ذلك ببساطة قد يكلفه ليس حياته فحسب بل حياة العديد من الأبرياء. وعلى الرغم من إمكانية بدء تعليم قيادة السيارة في عمر السادسة عشرة من العمر إلا أن هذا لايعني بحال من الأحوال إعطاء المراهق سيارة لقيادتها بمفرده. فمعظم الخبراء يرى أن يعمل برنامج متدرج يستطيع الشاب في نهاية المطاف قيادته لسيارته. يبدأ البرنامج بمدرسة تعليم قيادة السيارات، عقب ذلك بسنتين أو أكثر يقود فيها الشاب السيارة برفقة شخص بالغ ذي خبرة وحاصل على رخصة للقيادة، يقوم هذا الشخص بزرع مبادئ القيادة السليمة والتصرف الحكيم بدءاً بحزام الأمان مروراً بفهم واحترام قوانين السير وإشارات المرور وختاماً بنبذ السرعة والتركيز أثناء القيادة بعيداً عن الجوال والاستماع للأغاني أو رؤية شاشات العرض الصغيرة والمثبتة في مقدمة السيارة والتي بدأنا نراها حديثاً في بعض سيارات المراهقين في شوارعنا تعرض الأغاني والرقصات وكأن شبابنا في حاجة إلى شيء جديد يصرف انتباههم أثناء القيادة. أخيراً باعتقادي أن حل هذه المشكلة يقع في إطار مسؤوليتنا أباءً كنا أم أمهات، فنحن من أعطاهم مفاتيح السيارة، ونحن المسؤولين عن ما يقع من تهاونهم ودعوتهم. فلنعمل معاً لسلامتهم وسلامتنا قبل فوات الأوان. @استشاري طب الأطفال