كل يوم خميس يمثّل احتفالاً بالنسبة لي. أما الخميس المنصرم فكان الاحتفال استثنائياً. ففي ذلك اليوم الذي قرأت فيه للزميلة آلاء البراهيم مقالاً جميلاً يعيد الأمل بالشباب نقلت الصحف خبراً اعتبره نقلة نوعية وخطوة مهمة لابد من التوقف عندها والتملي في الفكر المتطور الذي يقدمه دعاتنا الجدد. الخبر يتحدث عن تبني "الندوة العالمية للشباب الإسلامي" لندوة فنية أسمتها "حلف الفضول" وذلك لمناقشة "المنطلقات الشرعية والمعايير الفنية في بناء الأدب والفن، ومجالات توظيفهما، إلى جانب التجارب المعاصرة في الترفيه والفنون الجميلة". ينقل الخبر عن الدكتور صالح الوهيبي أمين عام الندوة قوله:( اعتقد جازما بأن الصراع بين الإسلام والفن جانب منه مفتعل، وآخر ناجم عن سوء الفهم، بدليل أن أعمالاً فنية عدة اكتسبت احترام معظم الأطراف الإسلامية، سواء أكانت مؤسسات أم أفراداً عندما جرى تقديمها في ثوب هادف رصين، كمثل فيلم الرسالة وعمر المختار وسواهما. إن واقع التأزم بين الدعوة والفن يحتاج إلى إعادة نظر!. هذا الفهم غير العادي والذي أتى مشفوعاً بنماذج فنية وسينمائية لا يختلف على رقيها اثنان يجعل من هذه الخطوة دلالة واضحة على وصولنا إلى مرحلةٍ من الحرية الفكرية المتوازنة في التعبير وفي التعاطي وفي ممارسة الوعي الموضوعي في حد ذاته بشكل حقيقي يراعي متطلباتنا الأساسية ومتطلبات العصر وضرورة التطوير لفرض نوع من أساليب الدعوة المثمرة والمؤثرة والمعاصرة بحيث يأخذ الإسلام صبغته التطويرية لا رجعية بعض المنتمين إليه. هذا الخبر ينقلنا لمرحلة يصير فيها "الفن" من ضمن اهتمامات أناس نثق بهم ونطمئن إلى توجهاتهم الحريصة على خصوصيتنا الثقافية. أناس دائما ما قادوا مشاريع وإبداعات ثقافية عالمية تضع الإسلام في الأولوية. وإن كانت الدعوة جزء لا يتجزأ من شريعتنا فالمحفز هنا بالفعل هو هذه النتائج الملموسة للوعي بالأدوات الأكثر تقدمية والتي ستفضي حتماً إلى منهجيات فكرية معتدلة ودعوة تخاطب الإنسانية جميعاً لا الإقليمية فقط..