لم تكن الأسواق العربية عامة والخليجية خاصة بمنأى عن التأثيرات السلبية التي طالت أسواق المال العالمية خلال الفترة الماضية والتي تعرضت لانخفاضات حادة بعد حدوث هبوط كبير في أسواق المال الأمريكية، وأصبح من الواضح اهتمام المتعاملين في الأسواق الخليجية بتطورات أسواق المال العالمية ومتابعة أدق التفاصيل خوفاً من حالة الاضطراب التي تعيشها هذه الأسواق وتأثيرها سلباً على استثماراتهم. السوق الأميركية سوق قيادية للأسواق المالية العالمية، وأكثر من مرة عندما تهتز السوق الأميركية تبدأ الأسواق العالمية بالاهتزاز في أوروبا وآسيا حيث تكررت هذه الحالة أكثر من مرة، وخبراء المال يتوقعون دائما انخفاض الأسواق العربية عند انخفاض الأسواق الأميركية، حيث أن الأسواق الناشئة ومنها العربية تتسم بالتذبذب بشكل أكبر من الأسواق الأمريكية والأوروبية لأن طبيعة الأسواق الناشئة تسجيل ارتفاعات أعلى وانخفاضا أكبر. إن الخوف من الوضع السياسي والاقتصادي يجعل المستثمر يبتعد عن الاستثمار في الوقت الحاضر وهذا أمر طبيعي. وهو ما بدا واضحاً خلال الفترة الماضية حيث تسبب القلق من حدوث ركود اقتصادي في الولاياتالمتحدة، واحتمال تأثير ذلك على الأسواق الأوروبية والآسيوية في حدوث مخاوف في نفوس المستثمرين بالخليج. لكن المنطقي أن لا تتأثر أسواق المال العربية والخليجية بانخفاضات السوق الأميركية لأنه يفترض أن يكون اتجاها صعوديا لأن البورصات تعكس الوضع الاقتصادي وهو الوضع المزدهر خليجياً بسبب بشكل خاص بسبب إيرادات النفط القياسية التي وفرت فوائض مالية كبيرة لهذه الدول. أسباب الأزمة الراهنة تعود لأزمة الإقراض في الولاياتالمتحدة والتي كانت الشرارة الأولى، حيث خرجت ضوابط الاقتراض عن المنطق سواء الاقتراض من الشركات أو الأفراد، وصار بإمكان أي شخص أو بنك توفير التأمينات بغض النظر عن جدوى الاقتراض أو إمكانية سداد القرض، حتى بتنا نسمع اليوم عن تعرض مصارف كبيرة لأزمة سيولة، كما أدت هذه الأزمة إلى حالة ركود في القطاع العقاري، في حين تعتبر محاولة الولاياتالمتحدة ضخ سيولة من الحلول المؤقتة وتحدث نوعا من التخوف في الأسواق حيث تشعر المستثمر بالقلق من هبوط أكثر في الأسعار. ومع التقلبات الشديدة التي تعيشها الأسواق المالية العالمية والمخاوف من حدوث ركود في الاقتصاد العالمي، يدرك الجميع أنه لن تكون هناك منطقة في العالم محصنة من تلك التداعيات لكنها ستتفاوت من منطقة لأخرى بدءاً بالولاياتالمتحدة ثم أوروبا فآسيا ومن ثم مناطق أخرى ومنها المنطقة الخليجية، غير أن أسواق المال الخليجية تبقى الأكثر أماناً للاستثمار والأكثر جاذبية خاصة مع اهتزاز واضطرابات الأسواق العالمية التي أصبحت أسواقاً غير آمنة وغير مجدية للاستثمار. والأهم من كل هذا أن تكون الأزمة العالمية الحالية بمثابة الدرس الذي يجب أن تستوعبه الدول الخليجية وتتعلم منه المؤسسات المالية، حتى وإن لم تكن هناك مؤشرات مقلقة في المستقبل من حدوث انعكاسات سلبية على اقتصادات هذه الدول جراء هذا الأزمة.