أصر الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز على إدراج تدشين معرض الكتاب السنوي الفرنسي الثامن والعشرين في محطات زيارة الدولة التي يقوم بها منذ يوم الاثنين الماضي إلى فرنسا والتي تستمر خمسة أيام. بل علمت "الرياض" أمس الأربعاء من مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية أن بيريز يعتبر مشاركته في معرض باريس للكتاب الذي تستمر دورته الثامنة والعشرين من اليوم الخميس وحتى التاسع عشر من الشهر الجاري محطة أساسية في زيارته إلى فرنسا باعتبار أن إسرائيل هي ضيف شرف هذه الدورة لا لأن لديها كتابا ككل دول العالم بل لأن منظمي المعرض دعوها بمناسبة مرور ستين عاما على قيامها . وهذا ماحمل كثيرا من الدول العربية والإسلامية على مقاطعة المعرض. وصحيح أن العادة جرت أن يكون أهم حضور عربي إسلامي في هذا المعرض هو الحضور المغاربي. والملاحظ أن الناشرين المغاربين قرروا مقاطعة المعرض لا بسبب دعوة الكتاب الإسرائيليين بل بسبب جعل إسرائيل ضيف الشرف بمناسبة مرور ستين عاما على إنشاء الدولة العبرية. وقد أعربت السلطات الفرنسية في الأيام الماضية على لسان وزيرة الثقافة أساسا عن أسفها لمقاطعة المعرض من قبل البلدان العربية معتبرة أن المقاطعة لاتخدم مبدأ تلاقح الحضارات والحوار بين الشعوب عبر الثقافة وبخاصة عبر المطالعة. وإذا كانت السلطات الفرنسية تدرك اليوم أنها أخطأت فعلا بدعوة إسرائيل كضيف شرف فإنها تسعى من خلال تصريحات المسئولين إلى الإيحاء بأن المهم في التظاهرة هو مشاركة الكتاب التسعة والثلاثين الإسرائيليين الذين يكتبون باللغة العبرية والذين تمت دعوتهم للمشاركة في المعرض. ولذلك فإن السيدة كريستين دو مازيير الأمينة العام لنقابة النشر الوطنية الفرنسية العامة حاولت التأكيد على هذا الجانب دون إبراز الحضور الإسرائيلي السياسي في المعرض فقالت "كان اختيارنا ادبيا ولم يكن سياسيا بأي شكل من الأشكال عندما قبلنا بمقترح رابطة الناشرين الإسرائيليين بتكريم الكتاب الإسرائيليين الذين يبدعون باللغة العبرية". حجج وحجج مضادة ويمكن القول عموما أن هناك مواقف متباينة لدى الكتاب الفرنسيين والإسرائيليين والعرب إزاء عدم المشاركة العربية في معرض باريس للكتاب. ويقف هؤلاء موقفين اثنين موقف يرفض المقاطعة أو يتحفظ عليها وموقف يدعمها ويبررها. ومن الكتاب الإسرائيليين الذين يشجبون عملية المقاطعة "أموز أوز" و"مايير شاليف". فأوز الذي دعي للمشاركة في المعرض والذي يعتبر أهم كتاب إسرائيل قال في بعض تصريحاته: "إن أولئك الذين يدعون لمقاطعة إسرائيل في معرض الكتاب الباريسي لايعترضون على سياسة إسرائيل في الحقيقة بقدر ماهم يعترضون على وجود إسرائيل نفسها" وهو رأي يشاطره مايير شاليف الذي أضاف يقول "إن الأدب الإسرائيلي يحكي إسرائيل وليس آلة للدعاية الإسرائيلية". ومن الكتاب العرب المتحفظين على مبدأ مقاطعة معرض الكتاب الباريسي في دورته الثامنة والعشرين التي افتتحت الليلة الماضية المغربي الطاهر بن جلون الذي يبدع باللغة الفرنسية والذي قال إن المقاطعة "حرب على الثقافة" . وفي فئة الكتاب الإسرائيليين والعرب المؤيدين لفكرة المقاطعة نجد الشاعر الإسرائيلي هارون شبطاي الذي رفض الدعوة الموجهة له للمشاركة في المعرض وقال مبررا رفضه "المعرض فرصة للترويج لإسرائيل تعرض فيه إسرائيل نفسها للزوار كما كانت دولة فيها ثقافة ولديها شعراء والحال أنها تخفي في الآن عينه حقيقة مفادها أنها تأتي جرائم بشعة". و يقول الناقد الأدبي الإسرائيلي بيني تزايبر في هذا الشأن "سيمثل الكتاب الإسرائيليون المشاركون في المعرض أحبوا أم كرهوا إسرائيل . وسيعطون انطباعا للزوار بأن إسرائيل دولة ديموقراطية بينما يعيش السكان الفلسطينيون تحت القمع منذ عام سبعة وستين" ويخلص تزايبر قائلا: "دور الكتاب ألا يمثلوا دولهم في معارض الكتب". وترى الروائية التونسية فوزية الزواري التي تقيم في فرنسا منذ ثلاثين عاما والتي تساند مبدأ مقاطعة معرض باريس الحالي للكتاب من قبل الناشرين العرب أن دور الكاتب الوقوف إلى المستضعفين في الأرض وبالتالي فإن مقاطعة معرض الكتاب الباريسي في دورته الحالية مشروعة لأن الشعب الفلسطيني مستضعف ولأن الدولة العبرية هي آخر الدول التي لاتزال مستعمرة .(بكسر الميم الثانية).