الحقيقة أن أهم أبعاد أو مشاكل الاقتصاد السعودي هي حسب الترتيب: التضخم، سوق الأسهم، البطالة.. واخترت في تقديري سوق الأسهم قبل البطالة لأن غالبية المجتمع السعودي مساهمة به وحتى الذين يعانون من البطالة، وفيه ذهبت قروض المواطنين التي تحولت إلى ديون، وبانتعاش سوق الأسهم ينتعش وتتحسن أوضاع المجتمع والعكس صحيح حتى أن أغلب العاجزين عن ايجاد فرص عمل يحاولون صنع شيء من الدخل والرزق عبر هذا السوق. استدان المواطن ليشارك في هذا السوق ولم يكن يعلم أن خنادق الخسارة والديون بانتظاره وليس هذا فقط بل التوبيخ أيضاً جاءه سواء من الجهات المسؤولة مثل هيئة سوق المال أو من كبار المحللين أو المنظرين لهذا السوق مثل كلمة سوق قطيع أو سياسة القطيع يعني يحدث بيع جماعي عشوائي في النزول، أو أنه سوق غير مربوط بقواعد علمية للارتفاع والنزول يومياً، أو يقال إن سلوك المساهم السعودي سلبي فهو مضارب وليس بمستثمر ويجب عليه أن يتعلم سلوك المستثمرين وغير ذلك من النقد والتوبيخ لهذا المستدين. أرد وأقول: إن كل هذا النقد للمساهم السعودي موجود خارجياً (أنا أعمل في بنك أوروبي وفي أسواق أوروبية) حيث يحدث البيع العشوائي ولا أنسى عندما أظهر بنك (سيتي بانك) نتائجه السيئة وأرعب المساهمين الأوروبيين وقاموا بالبيع الجماعي الذي نسميه (سياسة القطيع) في يوم 14يناير 2008م الذي سمي بالاثنين الأسود، وبدأ السوق بالانهيار، ويوجد يومياً ارتفاع وانخفاض في أسعار الأسهم لأسباب غير منطقية، كذلك وتوجد حالة المضاربة وهذا طبيعي في كل أسواق المال والفرق بين سوق الأسهم وبقية الأسواق سرعة الارتفاع والانخفاض ولكن الفرق بين مؤسساتهم المسؤولة ومؤسساتنا هو أن الانهيار الذي أصاب أسواق المال (يوم الاثنين الأسود 14يناير) لحقه قرار تخفيض نسبة الفائدة لضخ السيولة لانقاذ أسواقهم وهذا ما أنقذهم، بل استطاع سوقهم أن يعوض خسائره، أما نحن فلم تحدث ردة فعل بعد أن خشي الناس في نفس اليوم في السعودية (خسر السوق حوالي ألفي نقطة في يوم واحد) ولم يخرج مسؤول مالي ليطمئن المساهمين.. التجارة يا سادة وخصوصاً الأسهم في الأساس أمان وثقة، وأزمة فبراير 2006م عندما انهار المؤشر السعودي واستمر النزيف لأسابيع حتى تدخل خادم الحرمين الشريفين وأصدر قرارات حاسمة لايقاف النزيف (تفتيت الأسهم، إعادة النسب ومشاركة الأجانب) رغم محاولة البعض تأجيل القرار وطلب وقت لدراسة الأوضاع (الناس تخسر وذاك يطلب وقتاً للدراسة) ولكن الملك الحاسم رفض وأمر بسرعة الاجراءات. يعني لولا تدخل خادم الحرمين - حفظه الله - لا أعلم ماذا كانت سوف تؤول إليه الأمور. لا أريد الحديث في الماضي ولكن ألاحظ الماضي يتكرر والانهيارات تتكرر والهيئة هي الهيئة وردود فعلها هي فقط دروس في أخلاق وكيفية المساهمة بل توُلد شعوراً سلبياً لدى المساهم هو أن الهيئة تراقب وتحذر من محاولة أي ارتفاع للمؤشر وعدم توفير حماية وديناميكية لمواجهة الانهيار والنزول (إعلان تقارير سريعة تنفي اشاعات مخيفة للمساهمين أو تؤكد نتائج ايجابية) وأصبحت أرى حالة عدم ثقة من المواطنين سواء للهيئة أو لبعض خبراء السوق (مديري المحافظ، المحللين الماليين). فلا نستطيع أن نلوم من رهن ماله وممتلكاته ليراها تتبخر أمامه وأصبح الحل الوحيد للمواطنين هو المشاركة في أي اكتتاب وبطبيعة الحال سيرتفع السهم ثم يقوم المساهم بالبيع ليعوض شيئاً من نزيفه في سوق الأسهم. ما يمنع الهيئة عبر تصريحات سريعة أن تواجه كل إشاعة أو تخوف بتصريح سريع وتعلن أسماء المحافظ التي تقوم بصفقات كبيرة وتتضح الصورة لصغار المساهمين ولا يرعبه اللون الأحمر أو أن تفكك سوق الأسهم إلى عدة أسواق حسبما لاحجامها وقطاعاتها لتخلف عدة خيارات لعدة أسواق مختلفة لدى المواطن. @ محلل مالي سعودي يعمل في بروكسل