مهرجان الجنادرية ولد من فكرة سباق الهجن حين كان يطل بصوته علينا من تلفزيوننا الكاتب والفنانمطلق مخلد الذيابي (سمير الوادي) بأغنيته: "يا الله أنا طالبك حمر هوى بالي" وهو يتغزل بالهجن: "بشرتهم بالعشا من عقب مقيالي".. ومن رحم سباق الهجن ولدت فكرة مهرجان الجنادرية التي رعاها واحتضنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لأهداف عدة ليس أقلها نشر الثقافة والمحافظة على تراث أرضنا وماضينا المجيد ، وتعميم الوعي العام بحب الأرض وانفتاح المجتمع على الآخر أي كسر الحواجز أمام المناطقية والفئوية والتراث المحلي لتكون الجنادرية مساحة لكل أطياف المجتمع من جبال تبوك بالطرف الشمالي الغربي وحتى سواحل جازان في أقصى الحدود الجنوبية الغربية، ومن خيام الشعرعلى الحدود الشمالية إلى بيوت نجران على حدود الربع الخالي.. الجنادرية الفكرة لم تقف عند حدود الحِرَف والصناعات اليدوية أو الأهازيج المحلية وإنما امتدت إلى حوار ثقافي ومعرفي بين المثقفين وتحول مقر المهرجان إلى قرية دائمة وقام على هامشه معرض الكتاب ..وتزامنت زيارات الشخصيات الدولية والضيوف المعتبرين ورجال الأعمال لبلادنا مع قيام فعاليات الجنادرية، وامتدت هذه الزيارات إلى الزيارات الرسمية من زعماء دول ا لخليج والآن توسعت دائرة استضافة ضيوف المهرجان من دول المنطقة، حيث كان وزير السياحة التركي ضيفاً على مهرجان هذا العام (23)، وهنا تدخل فكرة الجنادرية منعطفاً آخر وهو توسيع دائرة الضيافة لتشمل دول المنطقة العربية والصديقة في الشرق الأوسط وقارات العالم ليكون المهرجان تجمعاً إقليمياً وعالمياً يتجاوز فكرته الأولى أنه مهرجان للتراث والثقافة فقط ليكون تجمعاً ثقافياً وحضارياً وإنسانياً يدير حوار الثقافات وتقام على هامشه لقاءات للثقافة والصناعة والإعلام والتعليم والصحة وتعقد فيه الندوات النوعية المهنية لرجال الأعمال والفكر والتعليم ويتحول إلى مظلة عربية تتيح للسعوديين الالتقاء بنظرائهم من المهنيين ممن تعجز إدارتهم العامة أو الخاصة في القطاع الحكومي والخاص أن تنظمه لخدمة جيل من قيادات الصف الثاني أو أصحاب المنشآت التجارية الصغيرة أو قطاعات الدولة التي ليس لها خبرة واسعة في تنظيم المؤتمرات واللقاءات.. مهرجان الجنادرية الذي صار عمره الآن (23) سنة بدأ بفكرة (ناقة) أو سباق هجن وتحول إلى أهم تظاهرة سعودية تقع عليه الآن مسؤولية النقلة النوعية لتوسيع دائرته وتحويله من المحلية المتمحورة حول الثقافة والتراث إلى مجال أوسع وأرحب وهو اهتمامات الإنسان اليومية: الصناعة والتجارة والتعليم والصحة.