مهرجان الجنادرية بدأ بجمل أو ذلول واحتضن المهرجان الملك عبدالله -حفظه الله- حتى أصبح مهرجانا إقليمياً وعالمياً, يصنف ضمن المهرجانات الدولية, وأيضا رمزا من رموز الثقافة والمحافظة على التراث وأصالة دولة, فقد حفظ لنا قسما من تراثنا وموروثنا الشعبي.. قلت إنه بدأ بسباق هجن وذلول وصوت مطلق مخلد الذيابي الرخيم الذي يأتي من عبق التاريخ وأنفاس صحرائنا العطشى وهو يردد لحنا مشبعا بالحنين وعاطفة البادية ليقول: «يا لله أنا طالبك حمرا هوى بالي».. ويقصد نوعية من الهجن العالقة في ذهن شاعر القصيد وصوت الذيابي الذي عاش في هزيع مرحلة الإبل والهجن: «بشرتهم بالعشى من عقب مقيالي» / وأيضاً «الله يرحمك يا عود شراها لي»... وغيرها من عبارات حنين الماضي... اليوم مهرجان الجنادرية كسر حاجز العشة والخيمة وبيوت الطين وأكواخ الصيادين والحصير وبيوت السعف وأشجار النخيل ليقدم طروحات جديدة, جيل الجامعات العالمية وجيل الشركات الكبرى وجيل المدارس الحديثة والمدن الألفية الثالثة وتقنيات الطب الدقيقة وجماليات العمارة الزجاجية وأسوار الرخام المتعاشق... جاء الوقت لأن تتسع دائرة جغرافية المكان في مهرجان الجنادرية بعد 27 سنة من انطلاقته دون انقطاع لتكون الرياض وأرض الثمامة وبقعة الجنادرية الانطلاقة, أما فعالياته تسبح في بطحاء بلادنا تقام على رمال شواطئ جدة زينة مدن البحر الأحمر. وتقام على دفء مياه الخليج في الدمام حيث رائحة سمك بحر العرب وخليج العرب. وتقام بعض فعالياته في مدن السحاب في عسير في المدن الشواهق والغابات الماطرة. وتقام في طيبة حيث التاريخ ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وسكن وبيوت قوافل التاريخ التي شهدت الخلافة الإسلامية. وفي تبوك عندما يلتقي البحر باليابسة وتنفلق الجبال بكل تعرجات أوديتها.. وتقام في الباحة بلاد الغطاء النباتي والسحاب وحبات المطر وطرز المباني المتعددة... وتقام في القصيم هناك حيث رائحة النخيل والتمر السكري ووادي الرمة شريان المياه الذي ربط هضاب المدينةالمنورة بشط عرب الخليج. ويقام في مدينة نجران صديقة الربع الخالي والرمال والشريط الحدود, نجران التي جمعت بين جغرافية الجبل والرمل وطرق العابرين.. وتقام في حائل هناك حيث تقف جبال أجا وسلمى حارسة للتاريخ وتهدر من ثناياها شلالات المطر العذب لأرض تنبت الخطوبة والأزاهير العطرة.. تقام في جوف المملكة العمق وبواكير التاريخ, الجوف الذي ضبط أنفاس وسكنات النفوذ الكبير الذي حمى بإذن الله بقوسه الكبير بلادنا من الغزاة. ويقام في حدودنا الشمالية تلك الحمادة والصحراء التي كانت ومازالت المفصل الصعب لبلادنا من الدول المتعددة والمتعدية التي تعتبرنا حدائق خلفية ومراعي لها. وجازان جارة البحر والحد الحدودي والسهول المخضبة بالثمار والقرى الزراعية.. الجنادرية قاعدتها جنادرية الرياض وفعالياتها في جميع مناطقنا وبخاصة الندوات واللقاءات الثقافية ومن حق جميع أفراد مجتمعنا أن يكون لهم نصيب من جنادرية المملكة.