يواجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تسجل شعبيته تراجعا سريعا بعد عشرة أشهر على توليه السلطة، اختبارا صعبا في الانتخابات البلدية التي تنظم دورتها الاولى الاحد المقبل والتي يرجح ان يخسر فيها اليمين العديد من المدن. والناخبون الفرنسيون مدعوون لتعيين حوالى 36الف رئيس بلدية ونصف مليون مستشار بلدي قبل دورة ثانية مقررة في 16اذار - مارس ستحدد مصير معظم المدن الكبرى. وهي اول عملية انتخابات تجري على الصعيد الوطني منذ الانتخابات الرئاسية في ايار - مايو والانتخابات التشريعية التي تلتها واعطت اليمين الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية لمدة خمس سنوات. وتخوض المعارضة اليسارية هذه الانتخابات من موقع الاوفر حظا بالرغم من الأزمة القائمة على مستوى قيادتها وهي تتوقع شأنها شأن عدد من المحللين حصول "موجة وردية". ويأمل اليسار الذي يتولى ادارة باريس وليون (وسط شرق) ثالث المدن الفرنسية في انتزاع عدد من البلديات الكبرى من اليمين وتحويل هذا الاستحقاق الانتخابي إلى تصويت ضد اداء ساركوزي. ويتوقع حصول معارك انتخابية حامية في عدد من المدن ابرزها مرسيليا (جنوب) ثاني مدن البلاد على ساحل المتوسط والتي ستشكل خسارتها ضربة قاسية جدا لليمين، وتولوز (جنوب غرب) وستراسبورغ (شرق). ورأى فرانسوا ميكيه-مارتي من معهد ال اش 2ان "نجاح اليسار الحقيقي سيكمن في تحول مدن كبرى مثل مرسيليا وتولوز تمثل رموزا كبرى". وان كان 80% من الفرنسيين يوضحون انهم يحسمون خيارهم بناء على معايير محلية (المدارس والسكن وجمع النفايات وشخصية المرشحين وحصيلة رئيس البلدية)، الا ان الانتخابات البلدية ترتدي ايضا بعدا وطنيا ولا شك ان هزيمة لليمين ستضعف موقع الرئاسة. وفي ظل توقعات الهزيمة، يركز حزب ساركوزي (الاتحاد من اجل حركة شعبية) جهوده على الحد من الاضرار وهو يخشى ان يؤدي تدهور شعبية ساركوزي إلى فشل مرشحيه. فقد افاد استطلاع للرأي اجري اخيرا ان فرنسيا فقط من اصل ثلاثة ما زال يثق في الرئيس ما يشير إلى حصول انشقاق بين الرأي العام والرئيس في غضون عشرة اشهر. وفي وقت تسجل اسعار المواد الغذائية ارتفاعا، يبدي الرأي العام خيبة امله لعدم تحقيق ساركوزي اي نتائج على صعيد القدرة الشرائية بعدما جعل منها احدى ركائز حملته الانتخابية، واستياءه من استعراض حياة الرئيس الخاصة مع كارلا بروني وميله إلى الترف. واثار ساركوزي في الاسابيع الاخيرة الكثير من الجدل بمضاعفته الاخفاقات والاخطاء حول مواضيع مختلفة منها مكانة الديانة في المجتمع ومشروع العهود إلى تلامذة في العاشرة من العمر بذكرى طفل يهودي قضى في المحرقة، واتهمه منتقدوه بممارسة السلطة باسلوب "ملكي". وقام بهفوة لقيت اصداء كبيرة اذ توجه إلى زائر في المعرض السنوي للزراعة رفض مصافحته بالقول "انصرف ايها المعتوه المسكين"، ما حمل على اتهامه بالاساءة إلى المركز الرئاسي. وفيما لزم الرئيس الصمت بشأن الانتخابات البلدية، ندد رئيس الوزراء فرانسوا فيون ب"حملة مطاردة" يتعرض لها متهما اليسار ب"تسييس استحقاق محلي" و"السعي لعرقلة الاصلاحات". وفي المقابل، يؤكد ساركوزي على انه يود ان يحكم عليه على اساس ما سيكون انجزه في نهاية ولايته الممتدة حتى العام 2012معلنا عزمه على "الاستمرار" على طريق الاصلاحات بعد الانتخابات البلدية. وقال ساركوزي في مقابلة اجرتها معه صحيفة (لو فيغارو) اليمينية أمس، معلقا على تراجع التأييد له "لدي هدف وساتمسك بهذا الهدف. موعدي واضح وهو نهاية ولايتي الخمسية والنتائج العملية التي يتوقعها الفرنسيون بحق منها. وفي مطلق الاحوال، فان التغيير واجب مرجو سواء بالنسبة لي او بالنسبة لجميع الفرنسيين".