مهمة تجميل وتحسين المدن أحد أهم واجبات البلديات والأمانات، والتحسين والتجميل يبدأ من النظافة ولا ينتهي إلا عند طلاء الأرصفة وتقليم أشجار الشوارع، ومواجهة الكتابة على الجدران. في الآونة الأخيرة هبت معظم الأمانات والبلديات لتطبيق قرار يتصل بمقاسات اللوحات على المتاجر والمؤسسات لتفرض رسوما سنوية عليها، وكأنها استصدرت حجة استحكام بملكية الفضاء لتطلب من أصحاب المتاجر رسومات مالية على ما يعلقونه فوق متاجرهم من لوحات.. ما دفع البعض لاستبدال تلك اللوحات الكبيرة والجميلة بلوحات صغيرة تضج بالكآبة على غرار (محل كذا لبيع كذا لصاحبه، وغالباً لصاحبته فلانة بنت فلان الفلاني).. حتى ليخيل إليك أنها ربما تكون نسخة من دفتر العائلة. ولأني لا أعرف السر في هذا التنظيم الذي يعطي البلديات حق ملكية الفضاء والأسطح وهي التي تمتلك الأرض، فقد رأيته مثل كثيرين غيري نسفاً لكل جهود هذه الإدارات في التحسين والتجميل. ما الذي يضير الأمانات من أن يضع أحدهم لوحة مضيئة وجميلة على مدخل متجره؟ ماذا يأخذ هذا الفعل من ممتلكاتها؟.. ماذا يؤثر في خدماتها؟. المفروض أنها تضع اشتراطات ذوقية وجمالية لكل من يريد أن يضع لوحة لمتجره. بحيث تكون الإضافة الجمالية والذوقية هي المعيار.. أما أن تحاسب الناس على طول اللوحة وعرضها وكأنها معلقة على رأس الأمين أو رئيس البلدية لا على جدار صامت يملكه أويستأجره صاحب المحل، ولا يعيق حركة ولا يكتم نفسا فهذا ما لا يمكن تفسيره أو فهمه. كنت أنتظر من البلديات والأمانات أن تقوم بحملة لإزالة تلك اللوحات النشاز التي تفتقر للذوق لأن الفضاء العام في المدينة حق لجميع المواطنين وهي معنية برعاية هذا الفضاء لصالح الذوق العام.. كنت أنتظر أن تتصدى مع وزارة التجارة لبنشر السعادة، وخياط أبي العلاء المعري ومطعم حاتم الطائي.. بدلاً من أن تصادر حق الآخرين في الدعاية لمتاجرهم والإضافة من خلال تلك الدعاية للجماليات العامة. كنت أنتظر أن تسهم هذه الجهات في تشجيع الناس على تحسين مداخل متاجرهم بأجمل الألوان والأضواء طالما أنهم هم من سيدفع قيمتها بدلا من هذه الاشتراطات التعسفية التي لا يمكن تصنيفها إلا على أنها إغلاق للفضاء المطلق بذريعة الاستثمار.