لماذا تغرّبت الريح، تبكي نوافذنا هلعاً، وورود الأصيص على الشرفات، تسيل اغترابا؟ وهل وطن في العيون، ترمَّد، صار غباراً، وأغمض جفنيه نزفاً، وعانق هذا الأنين الترابا؟ @@@ إلى نينوى .. لا يؤذن قلب!! ولا "الرافدين" يغني العتابا .. متى "دجلة" لم يكن فارساً، ومتى دجلة عن شوارع بغداد غابا؟!! متى دجلة لم تكن أصابعه "شمعداناً" وحبراً، وترجمة وكتابا؟ متى دجلة لم يكن جهوري البلاغة، يسقي السيوف الترفع والكبرياء، يعلم كل مياه البحار الخطابا؟ @@@ .. أتت نسوة من سواد العراق يرتلن (بالهلهلات) الشظايا، يقاومن - في صارمات العيون - المخارز ينذرن أبناءهن احتسابا؟ يصنّعن - حتى التراب - رصاصاً ويعجن من دمعهن الحرابا .. لدجلة فيض من الحزن، لكن حزن العراق عريق، ومن فوحه يتكوّن وجه الشموخ، ومن صبره تنهض الأسد كلمى غضابا على ضفتيه الحروف حراب تفاجئ أرتالهم، وتفصّل - في كل يوم - جوابا لنا في المواسم حطّين.. إن احتلال المآقي ظلام، وإن الذي يسجن النبض في القلب، أو يفسد الماء، والزرع، أو يقتل الطفل في المهد ينوي لكل البلاد الخرابا .. أما موقن.. موقن مؤمن.. مؤمن واثق.. واثق أن ماء العراق، وترب العراق وشعب العراق، يشكل بركانه الآن.. زلزاله الآن، كي ينسف الاغتصابا