المتابع لواقع حال المرأة السعودية في الإعلام يشعر أنها تعاني الأمرّين من الرجل سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً..؟ والطريف أن جزءاً كبيراً من طرح تلك المعاناة يأتي أيضاً بقلم الرجل...؟ وصاية متكررة ودائمة...، لكم جزء من المشهد، الرجل يكتب عن ضرورة أن تتولى المرأة بنفسها قيادة سيارتها، مؤكداً بذلك أن المرأة إنسان مؤهل وقادر على تحمل تبعات قرارها..؟ وآخر يؤكد أن تلك القيادة هي بوابة الشيطان وأن المرأة لن تستطيع حماية نفسها من ذئاب الطريق وأنها بذلك تظلم نفسها وأسرتها ومجتمعها.. بل إن بعضهم اعتبر ذلك خروجاً من الدين رغم أن المرأة أساساً تركب مع سائق لا يربطها به إلا ورقة تسمى في النظام تأشيرة وإقامة مدفوعة الثمن.. أيضاً الرجل يرفض عمل المرأة في بعض المجالات مؤكداً أن ذلك يضرها أكثر مما ينفعها يقابله صوت رجل آخر يعتبر ذلك رفضاً تعسفياً وأن المرأة أولى ببعض المهن من الرجل..؟ لم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن بعض الرجال نافح بكل قوة عن ضرورة مشاركة المرأة في صناعة القرار من خلال تمكينها في بعض المؤسسات وخاصة الشورى، بل ووصل ببعضهم لطلب توزيرها فأكد الطرف الآخر أن تمكين المرأة يجب أن يكون في منزلها حيث انها غائبة عنه بحجة المشاركة في التنمية تاركة تلك المسؤولية للخادمة رغم أنه تارك مسؤولياته للسائق أو للمرأة ذاتها... القرب من المشهد أكثر لا يصيبنا بالدوار وحسب بل هو يؤكد خاصية التناقض التي نعيشها كمجتمع يجيد سرعة الرفض .. أيضاً لن نقف عند ذلك... ولكن لنقف عند محطة الوصاية الدائمة على المرأة، أشعر أحياناً أن البعض يعتقد أن المرأة لا تستطيع المسير دون أن تتكئ بالمطلق على الرجل.... الإشكال الأخطر أن بعض هؤلاء لا يعرف بحقيقة واقع المرأة التي باتت تنتقل بين القرى بحثاً عن لقمة العيش..؟ ولا يعرفون أن بعض النساء يجاهدن وصغارهن الجوع ليلاً والألم نهاراً ولا أحد يعرف عنهن شيئاً إلا من رحم ربي تعففاً وكرامة.. أيضاً بعض الأوصياء يعتقد أن من حقه أن يعلن موافقته على كل شيء دون العودة لصاحبة القضية.. بعض الرجال يرفض عمل المرأة وبعضهم ينادي بعملها في كل المجالات..؟ بعضهم يرفض قيادتها للسيارة وآخرون ينادون بذلك..؟ بعضهم يستغرب تغييبها عن بعض التخصصات العلمية وبعضهم ينادي بتعليمها القراءة والكتابة فقط.. الإشكال الأخطر ليس في متن تلك التناقضات وهي خطيرة بل في انقياد بعض النساء لرأي أو آخر دون إمعان فيه فقط القبول الصامت وهو قبول بالعرف الاجتماعي المعتاد ويعمق من منهج الوصاية التي اعتاد الرجل أن يمارسها على المرأة حتى في صيام التطوع .. وان لم يحقق شروط القوامة المعروفة شرعاً.. الرفض هنا ليس للوصاية بل لتغييب عقل المرأة إلى حد التلاشي.. غالباً..