في الغالب فإن النجاح هو ثمرة الجد في العلم، والعمل، وحصيلة الصبر والإرادة، ووجود حلم أو رؤية واضحة يسعى الإنسان إلى تحقيقها. وعندما نستعرض السير الذاتية لبعض الناجحين نكتشف ان بداياتهم كانت متواضعة فالوزير قد يكون بدأ حياته العملية في وظيفة ساعي بريد، ورجل الأعمال الناجح ربما كان في بداية حياته العملية سائق شاحنة، والنجم المشهور كان في صغره يغسل أرضية السوبرماركت وكلها أعمال شريفة ومهن محترمة. واليوم أشاهد بكل إعجاب شباباً من أبناء الوطن يعملون في مواقع عمل مختلفة لم تكن معهودة من قبل فنقابلهم يعملون في الأسواق، والمطاعم، والمحلات التجارية، وفي المهن السياحية مثل الفنادق، ومراكز الترفيه، ومكاتب السفر، كما نقابلهم في شركات السيارات، والمؤسسات العقارية، والمصانع، ومؤسسات المال والأعمال بشكل عام يقابلك المواطن الذي ترى فيه سمات الاخلاص، وتلاحظ عليه الأداء الذي ينم عن توفر المعرفة، والقدرة، والاتجاهات السلوكية الايجابية. أقول ما سبق للتأكيد على وجود تغيير، وهو تغيير قد يبدو محدوداً ولكنه بداية في الاتجاه الصحيح، إن النجاح لا يطرق على الإنسان الباب ليقول له: "افتح معنا لك هدية، انت إنسان ناجح" فالنجاح كما أشرنا هو ثمرة الجهد والجد والصبر، والرؤية والإرادة، والإدارة، ومثلما يشار إلى رجل أعمال تقدر ثروته بعدد من المليارات بأنه إنسان ناجح فإن بالامكان أيضاً الإشارة إلى بائع البطيخ بأنه إنسان ناجح، والذي يسعى إلى النجاح ويملك مقومات النجاح يحقق النجاح وهذا مبدأ ينطبق على الجميع وعلى كافة الميادين فالرياضي الذي يملك الموهبة لا يمكن ان يحقق النجاح بدون تعب وتنظيم وانضباط. ويلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة الكتب التي تتحدث عن النجاح وتقدمه وكأنه وصفة طبية، وهذه الكتب بلاشك مفيدة بشرط أن لا يعتقد قارئها انه سيكون أحد الناجحين بمجرد الانتهاء من قراءتها. ان الحديث عن النجاح هو فرصة لقول كلمة تشجيع وتقدير للشباب والشابات الذين يبدأون خطواتهم العملية بكل ثقة، وهذا تطور يحسب لوزارة العمل التي بثت ثقافة إدارية رفعت وعي المواطن بأهمية التأهيل، والتدريب، والإقدام على فرص العمل بكل ثقة وجدية لإلغاء الصورة السلبية التي تنظر إلى الموظف السعودي بأنه موظف كسول، واتكالي، ويبحث عن منصب المدير من أقصر الطرق. وفي تلك النظرة السلبية قيل أيضاً ان الموظف السعودي غير مؤهل دون ان يعطَى فرصة ليثبت العكس، وقد يصاب بعض المواطنين بالاحباط واليأس والانصراف إلى أعمال هامشية غير مجدية أو إلى الفراغ القاتل الذي ينعكس بآثاره السلبية على المجتمع. إن ما سبق يعني ان معادلة النجاح لا تكتمل إلا بتعاون جهات التوظيف، ومراكز التدريب، والتنسيق بين كل الجهات ذات العلاقة وأظن ان هذه الجهات تشمل كافة مؤسسات المجتمع وليس وزارة العمل فقط فالكل معني بالعمل المنتج والكل مسؤول عن توطين الوظائف وعن نجاح المواطن.