يعتبر الحليب المجفف منتجاً مهماً ورئيسياً لمقومات اقتصاد كثير من الدول التي تعتمد على الحليب ومنتجاته في التصدير. وبالنسبة لصناعة الحليب المجفف الحديثة فتعتبر من أهم الصناعات الغذائية إذ توفر الحليب بكميات كبيرة وطرق سهلة إلى البلدان التي لا تنتج كفايتها من الحليب كالسعودية مثلاً، ويتذكر السعوديون جيدا ارتباطهم بمنتج مشهور مصنوع من الحليب المجفف كان من أول المنتجات التي طرحت في السوق السعودي وهو من أسباب اعتماد المجتمع السعودي على الحليب المجفف أكثر من الطازج، حتى أصبح المنتج ذا شهرة عالية إلى أن وصل الأمر ببعض العوائل ان تتناقله فيما بينها عند زيارة المرضى، يضاف إلى ذلك أن طعم الحليب المنتج من الحليب المجفف يعد أفضل من طعم الحليب الطازج ،ويعزى ذلك لزيادة نسبة المواد الصلبة غير الدهنية والتي يتحكم فيها المُصنع وبالتالي ثبات الطعم مقارنة بالحليب الطازج والذي يتفاوت فيه الطعم من منتج إلى آخر نظراً لاختلاف بيئات وأنواع البقر المستوردة لإنتاج الحليب الطازج، كما أن الحليب الطازج لا يوجد بكميات كبيرة تخدم حاجة المستهلكين خصوصاً مع بداية الطفرة التي أثرت على الكثير من العادات الغذائية في السعودية والتي أدت إلى زيادة الهجرة من القرية إلى المدينة وزيادة الدخل للفرد السعودي في تلك الفترة أثر أيضا على الأسر المنتجة للحليب في المناطق الريفية خصوصاً جبال الحجاز وتهامة لتستبدل إنتاجها من الحليب الطازج بالحليب المجفف وتعتبر استراليا ونيوزلندا والدنمارك وهولندا من أكثر البلدان تصديراً للحليب المجفف بواسطة شركات قومية مساهمة كبرى، وتكون عملية تجفيف الحليب في أبراج على شكل صوامع ذات حرارة مرتفعة وضغط معين يضخ فيها الحليب من الأعلى على شكل رذاذ، ومع الحرارة والضغط يتم إخراج بخار الماء وتتكون البودرة في أسفل الصومعة، ويصدر الحليب المجفف في عبوات ذات سعة عالية، وتتم عمليات التعبئة المجزأة غالبا في البلدان المستهلكة أو يصنع منه الحليب السائل أو منتجات أخرى، وتكون عملية تصنيع الحليب السائل من خلال خلط بودرة الحليب مع الماء والدهن والمادة المثبتة والتي تعمل على عدم انفصال الدهن عن باقي مكونات الحليب بواسطة مكائن عالية الضغط، بعد ذلك يعامل الحليب بالحرارة العالية Ultra High Temperature حيث يسخن الحليب على درجات حرارة قصوى لمدة تتراوح بين 4و 15ثانية فقط ويوضع بعدها الحليب المعقم في اغلفة مخصصة، وتسمح هذه الطريقة بحفظ الحليب لمدة طويلة تصل إلى ستة أشهر. ولا يعني ما سبق أن الحليب المجفف أفضل من الحليب الطازج، فالطازج لا يتعرض لدرجات حرارة عالية ليكون بذلك محافظا على الفيتامينات الموجودة في الحليب وتكون عمليات التصنيع أقل من تلك التي تطبق على الحليب المجفف لأن كثرة العمليات التصنيعية تقلل من الفوائد الصحية للغذاء، وما تطرقنا للحليب المجفف إلا تعريف لمنتج تعج به الأسواق والبيوت، إضافة إلى أن توفير المعلومة للمستهلك تحد من الشائعات غير الصحيحة، مثل شائعة الطحينية ومادة ثاني أكسيد التيتانيوم والتي تسببت في خسارة الكثير من التجار المحليين رغم أن المادة مسموح بها عالميا، و شائعة وضعت على أبواب المساجد لمنتج وطني نسب مصدر الحليب للدنمارك مما تسبب في خسارة مبيعات الشركة أكثر من 70% ،علماً بأن المنتج لشركة سعودية 100% وتعتمد على الحليب المجفف النيوزلندي، لذا غياب المعلومة والشفافية من الشركات وجهل المستهلك قد يؤدي كثيراً إلى تدمير اقتصاد وصحة مجتمع بأكمله. ويفترض أن عامة الناس لديهم معلومات بسيطة عن هذا المنتج، ويقع اللوم على الشركات الوطنية أو العالمية العاملة في مجال الحليب المجفف عن هذا التقصير في توصيل المعلومات للمستهلك من خلال إقامة الندوات في الأماكن العامة أو من خلال المنشورات أو الحملات التسويقية، كما يقع اللوم على أهل الاختصاص العاملين في مجال علوم الأغذية والتغذية لتقصيرهم في الوصول إلى المستهلك من خلال وسائل الإعلام والتي أيضا تشارك في التقصير، والشاهد على ذلك قلة الصفحات المهتمة بالصحة والغذاء في أغلب الصحف المحلية وقلة برامج التلفاز التوعوية التي إن وجدت لم تسلم من التقصير من خلال تمكين أطباء يتحدثون عن الغذاء وعلومه، وهو مجال ليس لهم باع فيه كالمتخصصين في الغذاء.