شهد مجلس الأمن الدولي انقسامات جديدة الأحد بشأن كوسوفو بين الدول الغربية التي تقر بإعلان استقلاله وروسيا التي تعارض ذلك وتريد من الأممالمتحدة رفضه. وقال سفير بنما ريكاردو البرتو ارياس الذي يتولى رئاسة مجلس الأمن خلال (شباط) فبراير إثر اجتماع طارئ عقد بطلب من روسيا أن "الخلافات في وجهات النظر التي كانت سائدة بقيت على حالها". وكان ارياس يشير بذلك إلى اجتماع سابق لمجلس الأمن عقد في (كانون الأول) ديسمبر وشهد انقساماً بعد فشل المفاوضات التي استمرت أربعة أشهر بين الصرب والكوسوفيين حول الوضع المقبل لكوسوفو. وقرر الأوروبيون حينذاك نقل الملف إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وصرَّح سفير بريطانيا في الأممالمتحدة جون سويرز أن "أي بلد لم يدعم طلب روسيا إلغاء إعلان استقلال كوسوفو". وكان نظيره الروسي فيتالي تشوركين صرَّح قبل بدء هذه المشاورات المغلقة أنه ينوي أن يطلب من الأممالمتحدة اعتبار إعلان استقلال الإقليم الصربي "باطلاً ولاغياً". وتلا سفير بلجيكا يوهان فيربيكي إعلاناً مشتركاً باسم سبع دول غربية (ألمانياوبلجيكا وكرواتيا والولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا) أكد أن "الاستقلال (كوسوفو) باشراف دولي هو الحل الوحيد القابل للاستمرار لجلب الاستقرار والأمن". وأضاف الإعلان أنه "حل خاص بهذه المسألة بحد ذاتها يستجيب لسلسلة من الظروف الفريدة ولا يشكل سابقة أوسع". وأوضح أن "العمليات الجارية تتطابق كلياً مع القانون الدولي بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1244" الذي "يقدم إطار المرحلة الانتقالية إلى وضع دائم جديد لكوسوفو ويؤسس لسلطة الوجودين العسكري والمدني الدوليين الضروريين لمساعدة اقليم كوسوفو في هذه المرحلة الجديدة". وتؤكد صربيا التي تعارض بشدة استقلال كوسوفو، وحليفتها روسيا أن إعلان الاستقلال يشكل انتهاكاً للقرار 1244ولمبادئ ميثاق الأممالمتحدة حول وحدة وسلامة أراضي الدول. كما تؤكدا أن إعلان بريشتينا سيشكل سابقة إذ أن عدداً كبيراً من المجموعات الأتنية في العالم يمكن أن يغريها القيام بمحاولة مماثلة. ويشكل الألبان تسعين بالمئة من سكان إقليم كوسوفو الواقع في جنوب صربيا. من جهته، أكد الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن بعثة الأممالمتحدة في كوسوفو "ستواصل اعتبار القرار 1244الإطار الشرعي لتفويضها وستستمر في القيام بمهمتها". وذكرت مصادر دبلوماسية أن روسيا مستاءة من الموقف المحايد الذي اتخذه بان في ملف كوسوفو. وينص القرار 1244الذي تبناه مجلس الأمن في (حزيران) يونيو 1999بعد نهاية الحرب بين القوات الصربية والانفصاليين الكوسوفيين الألبان، على منح إقليم كوسوفو حكماً ذاتياً واسعاً تحت السيادة الصربية. وكلف القرار بعثة الأممالمتحدة مهمة إدارة الإقليم بمساعدة الحلف الأطلسي، لكنه لا يتضمن أي نقطة عن الوضع كوسوفو في المستقبل. وإعلان إقليم كوسوفو الاستقلال عن صربيا، أعاد إلى المسرح الدولي من داخل كواليس مجلس الأمن أجواء الحرب الباردة بين روسيا والغرب. فبعد الاجتماع الطارئ للمجلس الذي دعت إليه روسيا فجر أمس الأحد - بتوقيت الرياض - بحضور الأمين العام للأمم المتحدة لم يخرج الاجتماع بأي نتيجة حاسمة واكتفى مندوبوا الدول، روسياوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بالتعبير عن تناقض المواقف بين روسيا والدول الغربية وغيرها من الدول الشرقية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. روسيا ظهرت دولة وحيدة بدون دعم أو تأكيد داخل مجلس الأمن إلى درجة أن رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، مندوب بنما، السفير ريكاردو الباتو أرياس رفض الإعلان بذلك عندما سأله الصحافيون عن العزلة الروسية. وأدى الجدل داخل مجلس الأمن بين روسيا من جانب والولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي حول شرعية إعلان برلمان كوسوفو إعلان استقلال الإقليم عن صربيا إلى اختلافات في وجهات النظر حول ما ورد في قرار مجلس الأمن (1244) للعام 1999.الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يؤكدان أن القرار الذي شاركت روسيا بالموافقة عليه يوصي بأن استقلال كوسوفو سيأتي مستقبلاً وهو ما حدث - أمس الأول -. روسيا من جانبها تنفي أن القرار قد نص على ذلك. وسيظل القرار (1244) نقطة الخلاف بين تلك الأطراف حول شرعية إعلان كوسوفو استقلاله عن صربيا. من جهتها طلبت روسيا من الأمين العام للامم المتحدة "تحديد موقفه بكل وضوح" بعد اعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد كما اعلن مسؤول في وزارة الخارجية الروسية في تصريح اوردته وكالة الأنباء انترفاكس الاثنين. وقال نائب مدير ادارة اوروبا في الوزارة الكسندر بوتسان خارتشنكو "نعتبر ان عليه (بان كي مون) تحديد موقفه بشكل واضح. يجب ان يكون حريصا على ميثاق الأممالمتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 1244حول كوسوفو". على صعيد آخر اندلعت اشتباكات بين قوات الشرطة الصربية ومحتجين احتشدوا امام مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة الصربية بلغراد أمس تنديدا بالدعم الأمريكي لانفصال اقليم كوسوفو. وحسب ما اورده راديو (روسيا اليوم) فقد القى المتظاهرون الحجارة والزجاجات الحارقة باتجاء السفارة مما ادى الى اشتعال النار في مبنى صغير ملحق بها. واضطرت الشرطة الصربية الى اطلاق قنابل دخانية على المتظاهرين لتفريقهم ومنعهم من اختراق المتاريس واقتحام السفارة. كما القيت قنابل يدوية على مبنيين تابعين للاتحاد الأوروبي والأممالمتحده في مدينة (متروفيجا) وذلك احتجاجا على دعم انفصال الإقليم. إلى ذلك، احتجت سلوفينيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي، مساء الأحد لدى السلطات الصربية على الأحداث التي وقعت امام سفارة سلوفينيا في بلغراد. ووجه وزير الخارجية السلوفيني ديمتري روبيل الى نظيره الصربي فوك يريميتش رسالة طلب منه فيها اتخاذ الإجراءات الضرورية لتأمين امن السفارة والطاقم الدبلوماسي، حسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجية. وفي صربيا دانت الصحف الصربية بشدة الاثنين اعلان البرلمان الكوسوفي استقلال كوسوفو الذي ترى صربيا انه انتزع منها. وعنونت صحيفة "بليتس" اليومية "كوسوفو المنتزع" بينما نشرت صحيفة "كورير" الشعبية صورة بالأبيض والأسود لطفل يحمل شمعة كتب تحتها "من سينتزع كوسوفو من روحي؟". اما صحيفة "فيتسيرنيي نوفوستي" الواسعة الانتشار، فعنونت "دولة وهمية"، معتبرة ان "كوسوفو اعلن استقلاله منتهكا القانون الدولي بموافقة الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي".