هل يبدو لك العنوان مألوفاً ومقبولاً!؟.. هل يبدو جذابا وملهما !؟ هل يعيدك إلى عالم المغامرات والخيال والتحري !؟ قد يكون هذا سر جاذبية "الأرض المفقودة" ووجودها كفكرة في ذاكرة الشعوب: فالأرض المفقودة فكرة فلكلورية لها جذور عميقة في معظم المجتمعات والثقافات العالمية.. أرض خيالية لم تعد موجودة اليوم (أو غير موجودة) ولكن لا يعرف طريقها غير سندباد وابن بطوطة وعلاء الدين.. أرض قد نطلق عليها جزيرة القراصنة، أو بلاد الواق واق، أو قارة الاطلانطيس، أو أرض الأمازونيات (حيث لا توجد غير النساء الجميلات)!! ولأن الأرض المفقودة حلم إنساني ومطلب فلكلوري لم ينته تأثيرها بانتهاء الكشوفات الجغرافية وصور الأقمار الفضائية (التي فضحت كل شبر من الأرض).. فهي على أي حال مفقودة أو ضائعة أو غرقت تحت مياه البحر منذ آلاف السنين . ولو تخيلت معي المحيطات والبحار الكبيرة لأمكنك تصور قارة مفقودة تحت أي واحد منها.. وإن لم تكن ماهرا في الجغرافيا فتخيل أراضي مفقودة بعدد أساطير التاريخ وأجيال البشر: فالهنود مثلا يؤمنون بوجود قارة مفقودة كانت تصل بين الهند وأفريقيا تدعى ليموريا (Lemuria ) وبسبب زلزال هائل انفصلت عن الهند وغرقت تحت البحر.. وهناك أيضا قارة الاطلانطيس المفقودة (التي سبق وكتبت عنها مقالاً خاصاً) وتعود جذورها إلى أيام أفلاطون الذي أبلغ تلاميذه بوجود قارة متقدمة غرقت تحت المحيط الأطلسي.. أما هنود التشيلي فيؤمنون بوجود قارة ذهبية متقدمة كانت تصل آسيا بأمريكا الجنوبية.. وفي أمريكا الوسطى يتحدث الناس عن جزيرة عملاقة غرقت تحت البحر قبل ألف عام ولم يبق منها غير "كوبا".. وفي اليابان فتوجد مدينة صخرية غرقت في منطقة تدعى "مغطس الآلهة" قبالة ساحل أوكيناوا اليابانية (تتضمن شوارع صخرية منحوتة بعرض 15مترا).. أما في مصر فثبت غرق مدينة ساحلية قديمة شمال الإسكندرية انزلقت تحت البحر - استخرجت منها اليوم تماثيل إغريقية وفرعونية ورومانية نفيسة!! ... أما حين لا تسمح الجغرافيا بوجود البحار والمحيطات لابد تعثر - في تراث الشعوب البعيدة عن الساحل - على "حضارة ضائعة" دفنتها الرمال أو ابتلعتها الغابات أو غمرتها الفيضانات.. فجميعنا مثلا سمع بحصان طروادة الذي ينسب لمدينة إغريقية قديمة تقع على الساحل الجنوبي لتركيا . وفي البداية كان يعتقد أن طروادة مجرد أسطورة إغريقية حتى اكتشفها عام 1873عالم الآثار الألماني هنريك سوليمان.. أما في كمبوديا فتحدث الناس لقرون عن ضياع مدينة مقدسة بين الغابات الكثيفة حتى اكتشفها الفرنسي هنري موهوت عام 1860(واكتشف معه العالم معابد أنكور الخلابة التي تزيد مساحتها على 80هكتارا).. وحين وصل الأسبان إلى البيرو في القرن السادس عشر سمعوا عن وجود مدينة ذهبية مفقودة تدعى "ماتشو بيكشو" . وفي حين فشلوا في العثور عليها طوال 300عام اكتشفها عام 1910مغامر أمريكي يدعى هيرام بينجهام (على ارتفاع 2400متر فوق جبال الأنديز) !! أما في المكسيك فأعاد هنود الأزتيك اكتشاف عاصمتهم القديمة "تيوتيهوكان" التي اختفت بين الغابات لأكثر من ألفي عام (وهي مدينة مقدسة تضم هرمين مدرجين أضخم من أهرامات الجيزة في مصر)!! ... إذاً: قد تكون الأرض المفقودة مجرد حلم بشري ومطلب فلكلوري: ولكنها في أحيان كثيرة تبنى على أصل تاريخي وحادث جيولوجي قد يتاح التأكد من حقيقتهما عاجلا أم آجلا ...