ما زالت ترزح المرأة في المجتمعات الانسانية تحت ضغوط العادات والتقاليد بشكل متزايد رغم الدعوات والتصريحات التي تخرج علينا في وسائل الاعلام بين الحين والآخر مبشرة بحلول أعياد الاستقلال النسائي عن الاستعمار الذكوري الذي وضعها في قالب المرأة الأم والمربية متجاهلا الأدوار المثالية التي قد تؤديها لقيادة مسيرة حضارية مشرقة للأمة . وعلى الرغم من المحاولات الرسمية لدفع المرأة خطوات الى الأمام الا أن المجتمع ما زالت تسيطر عليه عقدة انكار الحقوق الانسانية للمرأة . قد يقال إن الحديث عن حقوق المرأة اصبح يميل الى المبالغة والافراط في اتهام الرجل بمحاولاته المتخفية أحيانا لقمع دورها في تنشيط الحركة الفكرية من خلال طرح آخر من النوع الآخر .. والنوع الآخر هو العقل الأنثوي الذي ثبت علميا أنه يختلف في صراعه الدماغي عن الصراع الدماغي الذكوري ... ومجرد طرح فكرة المبالغة ينبيء بفكر ذكوري يعمل على قمع الصوت الأنثوي المطالب بالتغيير وهو نفسه الصوت الذكوري الذي هيمن على الفكر الانساني خلال عصور ماضية .. فمنذ عصور الأساطير وروايات الأبطال كان هناك قمع غير ظاهر لفكرة المرأة البطل أو القادرة على القيام بمهام الرجل بغض النظر عن القدرات الجسدية ... فهاهي اسطورة المحاربات الأمازونيات اللواتي حكمن في في عصور الحضارة اليونانيّة القديمة، ورغم تضارب التفسيرات في تحديد اصولهن او أين ظهرت مملكتهن الا أن أكثر الروايات ترجح أن أرض مملكتهن هي إما ليبيا أومنطقة ذيرميسكريا في شبه جزيرة الأناضول بتركيا اومنطقة البحر الأسود.ووصفت الأمازونيات بأنهن محاربات شرسات حتى ان بعض الروايات تذكر انهن ضربن حصارا على مدينة أتيكا وشكلن تهديدا لحاضرة اليونان أثينا. وتحدثت الأساطير الاغريقية عن تلك النّساء المحاربات عبر ثلاث روايات تضمنت حبكتها وجود بطل أسطوريّ ومعركة و فيما بعد هزيمة محققة لأولئك النسوة الخارقات. و الثلاث اساطيرالتي تعتبر الاكثر شهرة حول الامازونيات تتلخص في رواية ديودورس حول أمازونيات قارة اطلنطا واسطورة هرقل وأعماله الاثني عشر، ثم اسطورة (أخيل وبانثيزليا).وفي الثلاث روايات يقوم البطل الأسطوري بالقضاء على المحاربات الأمازونيات وفي المجتمع اليوناني القديم كانت مهام المرأة ودورها محصور بالأعباء المنزلية ولم يكن لهن أدوار في الساحة السياسية والحربية لذا فإن أسطورة القضاء على المرأة القائدة أو الحاكمة هذه كانت تخدم عدّة أغراض ضمن ثقافات كثيرة أبرزها نفي الهيمنة الأنثوية خاصة و ان الثقافة المسيطرة (الذكورية) تبتدع وسائلها التخييلية في وضع الاسطورة المعاكسة، لصد فكرة سيطرة أنثوية وذلك عبر استباقها وقطع الطريق عليها من الاساس. تلك واقعة تأرجحت ما بين الأسطورة والأثر التاريخي إلا أنها في نتائجها الاستقرائية نجد أن مجرد فكرة وجود صورة بطولية للمرأة كان يقض مضجع الرجل عبر العصور نظرا لما تمثله هذه الفكرة من تهديد لزعزعة عرش هيمنته وسيطرته على فكرها ودورها في الحياة . شاعرة واعلامية سعودية [email protected]