مرت المملكة بفترات اقتصادية متفاوته خلال الثلاثين السنة الماضية بسبب التفاوت في أسعار النفط بالإضافة إلى الحروب التي مرت على منطقة الخليج. وفي هذه المقالة سيتم تسليط الضوء على الفترة ما بين عامي 1998م إلى 2008م والمتعلقة بمشاريع الدولة التنموية والحيوية. كان معدل أسعار البترول خلال 1998م حسب الاحصاءات الواردة من وزارة البترول والثروة المعدنية 12.28دولاراً للبرميل ويعتبر أقل سعر منذ عام 1980م. وقد سبب انهيار أسعار البترول إلى تقلص عائدات البترول وانعكس ذلك في عجز ميزانية الدولة السنوية، مما أثر على تراجع خطط التنمية إلى جانب تدني معدلات النمو وتأخير أو تأجيل طرح العديد من المشاريع الحكومية والخاصة مما أدى إلى تدني الموارد المخصصة لقطاع الخدمات. وللتعايش مع الأمر الواقع اضطرت وزارة المالية والاقتصاد الوطني في ذلك الوقت إلى اصدار العديد من القوانين والأنظمة والتعليمات تهدف منها إلى الترشيد والتقشف في الميزانية - كما يقال شد الحزام- عن طريق الحد من طرح المشاريع وايقاف بعضها او تعديل بعض التصاميم لتقليل التكلفة مما اثر سلباً على المشاريع بشكل عام وعلى قطاع المقاولات بشكل خاص. وقد شاركت كثير من الجهات الحكومية والمؤسسات في تبني أسلوب الترشيد والتقشف كما تحمس العديد من الأشخاص وأصبح هاجسهم مهمة الترشيد والتقشف وابتكار طرق وأساليب جديدة للحد من طرح أو إيقاف بعض المشاريع أو تعديل المواصفات والمخططات لتخفيف التكلفة مما أثر سلباً على المشاريع التنموية. ونحن الآن في مطلع عام 2008م وأسعار البترول في أفضل حال اذ وصل 100دولار، مع أعلى ميزانية تشهدها المملكة، بجانب وجود الإرادة السياسية والرؤية الواضحة والوضع الاقتصادي المتميز مما يدفع بالاقتصاد إلى الأمام - بمشيئة الله - نحو مشاريع تنموية وحيوية تغطي جميع مناطق المملكة من مدارس ومعاهد وجامعات ومستشفيات إلى تطوير وإنشاء البنى التحتية وبناء المدن الصناعية والاقتصادية والمعرفية ورصف الطرق وشق الأنفاق وتشييد الجسور وغيرها من المشاريع. هذه الفترة تحتاج إلى تضافر جهود الجميع وتبني الرؤية الواضحة والتخطيط السليم والعزيمة القوية والإسراع في حركة الإصلاح الإداري والمالي والاستفادة من تقنية الحاسب الآلي وعصر المعلومات في جميع المعاملات والإجراءات الإدارية والمالية مع إعطاء الجهة المعنية أكثر صلاحية للتصرف بالإمور الإدارية والمالية. وسرعة صرف مستخلصات الشركات المتعاملة مع الجهات الحكومية، وإعادة النظر في الاسلوب المتبع في طرح المشاريع وترسيتها لتصب كلها في إطار عملية تسريع الإجراءات المالية والإدارية، والحرص على إدخال نظم الإدارة الالكترونية في التعاملات والاستعانة بخبرات وكفاءات محلية وخارجية لمصلحة العمل لمواكبة التطورات والتي سوف تنعكس إيجاباً على مصلحة الاقتصاد الوطني بشكل عام. إن تبني أسلوب الترشيد والتقشف في الموارد الطبيعية او الكهرباء او الماء او حق المال العام أو المحروقات أو الحفاظ على البيئة مطلب يحتاج إلى تضافر جهود الجميع للمحافظة عليها، ولكن في الاتجاه الآخر نحتاج إلى وعي متجدد وتطوير ثقافة المجتمع وتثقيف وتدريب القائمين على العمل بأحدث الطرق الإدارية والفنية ولعلنا نستفيد من تاريخ الماضي ونأخذه عبرة للحاضر والمستقبل وإرخاء حزام الترشيد والتقشف، فنتطلع للسير للأمام بخطى التطوير والتقدم والاستفادة في هذه الفترة المهمة من مسيرة العطاء والبناء وهكذا علينا أن نطور أفكارنا قبل افعالنا. @ المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة الملك فيصل