أذنت الشمس بالمغيب.. والكون علاه عتمة من بعد نور.. تلألأت النجوم في كبد السماء معلنة سطوعها ولمعانها لناظريها.. أنظر إليها أعدها كي أبدد الهموم.. ولكن!!.. دون جدوى.. الهموم بداخلي تثقل كاهلي.. حقاً إنه عام مضى بصيفه وشتائه.. مضى بربيعه وخريفه وكأنه لم يكن.. هكذا هي الأيام ترحل بسرعة.. حتى من غير ان ندركها كم من الأشقياء؟ وكم من التعساء؟.. كم وكم من المآسي والآلام وبرغم هذه المأساة وتلك الدهور يسير ولم يتوقف لحظة واحدة.. صديق ودع صديقه.. أم فقدت وليدها.. والد فقد ابنه.. كلهم قد يكونوا اليوم أشقياء.. كل منهم يسكب الدمع.. مرت سنة.. وما أثقلها.. وما أقسى حتى ذكرياتها!! فبدايتها في شهر محرم فجعنا بفقد إنسانة ملأت علينا الدنيا.. فكانت مثالاً للحب والعطف والطيبة إنها جدتي الغائبة عن الأنظار الحاضرة في القلوب حصة العجلان رحمها الله وأسكنها فسيح جناته مع والديها ومن تحب.. والسطور لا تكفي والحروف لن تفي عن الحديث فيها يشهده ذلك الصغير قبل الكبير والبعيد قبل القريب.. ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.. وبعد ذلك قرر لطفلي الآخر عملية لزراعة الكبد مرت أيام علينا أقسى من الصخر ولكن أحمد الله أن تكللت العملية بالنجاح وخرجنا من هذه العملية بأتم الصحة والعافية والشكر بعد شكر الله لطاقم المستشفى العسكري جزاهم الله خيراً على ما قدموه لي ولطفلي أثناء مكوثنا فيه وفي رمضان فجعنا بموت الوالد الغالي.. محمد المنيع رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع والديه ومن يحب.. ولا انسى دمعاته حين علم بعمليتي أنا وطفلي ووصاياه لي والاهتمام بصحتي ودموعه تنهمر تتباكا في مشهد يجسد فيه الرحمة والطيبة مع عجزه عن أي شيء.. أين أنت الآن يا أبي مكانك خال حيث تشتكي تلك النخيلات والشجيرات الصغيرة التي طالما ترعرت ونمت شامخة في الهواء الطلق بعد سقياك لها وتعهدك إياها.. آه يا أبي الكلمات تعجز عن التعبير والقلم عجز عن المسير والسطور تليه وبقلبي طويلة طويلة.. ولكن عزائي في هذه الدنيا ان يطيل الله عمر والدتي الغالية نورة بنت حسين الهلال.. ويجعلها ممن طال عمره وحسن عمله وان يمتعها الله بالصحة والعافية آمين.. كلي أمل بالله ان يجيرني الله في مصيبتي ويخلف لي خيراً منها.. همسة أهمسها في أذن كل عاق عاص لوالديه أغتنم وجود هذين الكنزين لعلك تسعد في الدارين..