من الملاحظ أن حمى اقتناء الجوالات وتغييرها المستمر (لمواكبة الموضة) قد امتدت عدواها من البالغين إلى معشر الأطفال فبات ليس من المستغرب أن ترى طفلك في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة (كما حدث معي شخصياً) يفاتحك برغبة ملحة في الحصول على جواله الخاص وقد يزيد من استغرابك عندما يسترسل في الحديث ليخبرك عن كل ماهو جديد في عالم الجوال مستخدماً لغة قد لاتكون مألوفة لديك فلكل جوال أو موديل اسمه الشعبي أو الرمزي الخاص به فمن النورس والتاج إلى E90و N95 وهكذا تقف مذهولاً وأنت تمعن النظر بقسمات وجه طفلك الجادة وتتساءل في قرارة نفسك كيف سمحنا لهذا الوافد الغريب في اقتحام هذا العمر البريء (البعيد عن التعقيدات) ويستمر طفلك بالكلام داعماً طلبه بالحجج شارحاً أهمية الجوال في حياته وكيف لا فهناك لا يقل عن ستة أطفال في فصله ممن يقتنون الجوال (وكأنه يقول في نفسه لست بأقل منهم) ثم يخبرك أن فلان من الأصدقاء غالباً ما يتصل من غرفته الخاصة في منزله مستخدماً جواله الخاص (؟؟ ذو الرقم المميز طبعاً) ويمضي فترات طويلة بالتحدث منه ويضيف هذا الصاحب عنده أكثر من جوال حصل عليها كهدايا في المناسبات . ويستمر طفلك في تعديد مميزات الجوال فهو يحتوي على ألعاب مسلية وبالإمكان تحميله العديد من الألعاب الجديدة . أما إذا لاحظ طفلك تردداً في قسمات وجهك فقد يقدم لك عرضاً يشمل تحمله جزءاً من تكلفة الجوال وفاتورة المكالمات أما أن يدفعها لك فوراً أو أن يتم خصمها من مصروفه الخاص ؟! وهنا دعونا نقف لوهلة ونتساءل هل أصبح الجوال في مجتمعنا لعبة من ألعاب الأطفال ؟؟ وهل إهداءنا الجوال إلى أطفالنا في المناسبات مبني على تصرف حكيم ؟ وهل تناسينا مما قد يحمله استعمال الجوال على أطفالنا من أضرار مستقبلية . وفي الحقيقة هناك العديد من الدراسات التي حذرت من أخطار استعمال الجوال في الطفولة الباكرة ودعونا نستعرض بعضها: الأستاذ الباحث البريطاني المعروف ويليام ستيوارت أطلق تحذيراً من أخطار الأشعة المنبعثة من الجوال على دماغ الطفل المتطور وإمكانية الإصابة بأورام في الدماغ وطالب بعدم السماح للأطفال ممن هم دون سن الثامنة من العمر باستعمال الجوال وفي دراسة أجريت بمعهد كارولبيكا السويدي على سبع مائة وخمسين شخصاً ممن يستعملون الجوال في الحديث لفترات طويلة وقد استمرت الدراسة لفترة عشر سنوات وأظهرت الدراسة زيادة في خطر الإصابة في أورام الأذن والدماغ بنسبة أربعة أضعاف في هؤلاء الأشخاص بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يستعملون الجوال وأضاف العالم البروفيسور كيجل مايلد من جامعة أوربردا أن العظام التي تحيط بدماغ الطفل الصغير قليلة السماكة مما يسهل نفاذ إشعاعات الجوال إلى دماغه واحتمالية إحداثها أضراراً على جهازه العصبي في مرحلة النمو أما البروفيسور روني سيجل فقد أجرى بحثاً في مختبره وذلك بتعريض خلايا بشرية الى موجات كهرومغناطيسية مماثلة للتي تنبعث من الجوال ( 1/10من الموجات التي تنبعث من الجوال) ولاحظ إفراز مادة كيميائية (ERK1/2) تنبه انقسام الخلايا مما قد يحرض على حدوث أنواع من الأورام في المستقبل. أخيراً الموضوع يحتاج إلى وقفة جادة من قبل الأهل فلازلنا لا نعلم الكثير من التأثيرات الضارة للجوال على الأطفال ومن الواجب التعاون لنشر ثقافة جديدة للتحذير من أخطار الجوال المحمول على أطفالنا . أما ما يمكننا عمله على ضوء الدراسات المتوفرة فيشمل : 1منع استعمال الجوال من الأطفال مادون سن الثامنة من العمر . 2حصر استعمال الجوال في الحالات الضرورية في الأطفال مابين سن الثامنة والخامسة عشرة من العمر 3التوقف عن إهداء الجوال للأطفال والتحدث عن أضرار الجوال للطفل بشكل مبسط 4عدم استعمال الجوال للمحادثة لفترات طويلة وإبعاده عن الرأس أثناء الحديث . @ استشاري طب الأطفال