وكانت -وربما لا تزال - صفة تُقَى ومعرفة.. وإلى جانب هذه وتلك كانت الكلمة تُطلق على من يتولى التدريس في الكتاتيب.. حتى إنهم أطلقوا على مُدرِّسة البنات في الكتاتيب كلمة "مطوّعة" مؤنث كلمة مطوع. وتتوسع مهام المطوّع في كثير من الأحيان.. فكان يكتب على الجروح الجلدية المستعصية مستعيناً بما يعرفه من آيات الشفاء والتعاويذ.. ثم إنه يقرأ على الجروح وعلى المرضى أيضاً.. ولا أذكر أن أحداً من أولئك الأفاضل سُمّي شيخاً. مهمة أخرى فهو يجيد فن كتابة الخطوط "كاليوغرافي" وهذه أيضاً تعطيه فرصاً ثمينة كي يتميز ويتفاخر. ولعل المرء يرتاح إلى ما جرى ذكره فى أخبار العرب فقد قرأتُ عن رجل اسمه بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة الجندل، كان قد خرج إلى مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان، وعلّم جماعة من أهل مكة، فلذلك كثر من يكتب بمكة.. ولذلك يقول رجل من كندة يمن على قريش بتعليم بشر لهم: ولاتجحدوا نعماء بشرٍ عليكمُ فقد كان ميمون النقيبة أزهرا أتاكم بخط الجزم حتى حفظتمو من المال ماقد كان شتى مبعثرا وقرأت شعراً شعبياً يقول بيت منه: صاحبي ينقش الحنا بكفّ حَسِين مثل نقش المطوّع بالقلم والدواة كان المطوّع يعيش على ما يأتيه من تلامذته.. ويرى في عيد الأضحى وقتاً تتحسن معه أحواله الغذائية.. ثم إنه لا توصد أمامه أبواب المساعدة وموقعه في المجتمع دائماً عزيز.