كنت في لقاء الأسبوع الماضي مع أحد رجال الأعمال اليابانيين وواحد ممن يملكون عقارات في مدينة اوساكا وقد عانى كثيراً من هبوط العقار في اليابان في منتصف التسعينات وحتى الآن، وكان محور الحديث حول الاقتصاد العالمي والقطاع العقاري وسوق الأسهم بشكل عام. لا شك أن القطاع العقاري في المملكة وفي الخليج بشكل عام في الفترة الأخيرة ينمو بقوة والأسعار في تزايد مستمر ولكن السؤال الذي تم طرحه أثناء الحديث هو: كيف يمكن التنبؤ بعلامات الانهيار في أي مجال وبالأخص العقار والأسهم؟ في عالم الاقتصاد والإدارة يعتبر العائد على الاستثمار أو ما يسمى ب ROI هو المقياس والفيصل على تقييم الاستثمار، بمعنى عندما يكون هناك عائد سنوي على أي استثمار يفوق أسعار الفائدة السائدة في ذلك الوقت فمعنى ذلك أن الاستثمار لم يدخل بعد مرحلة الخطر، ولكن ما حدث في اليابان في نهاية الثمانيات كان عكس ذلك وهو أن العقار أصبح وسيلة مضاربة ومن يشتري العقار لم يكن يفكر في العائد المرجو منه ولكن يشتري بثمن ويبيع بثمن أخر بعد فترة وهذه إشارة واضحة على بداية الانهيار، الأمر مختلف تماما الآن لما يحدث في المملكة وفي دول الخليج بالرغم من الصعود القوي والمتواتر للقطاع العقاري إلا أن العائد على الاستثمار لازال يشفع للأسعار أن تبقى كما هي وقد تزداد بزيادة الطلب ونقص العرض. في سوق الأسهم على سبيل المثال الأمر لا يختلف إطلاقا، فعندما وصل مكرر أرباح السوق في بداية 2006إلى 40وبعض الشركات القوية وصل مكرر أرباحها إلى 50كانت تلك علامة واضحة على بداية الانهيار لآن المضارب والمستثمر وقتها لم يكن ينظر إلى العائد ولكن ينظر إلى أن يشتري بثمن ويبيع بأخر بعد فتره قصيرة وهذه من علامات الانهيار الواضحة جدا. قد يسأل سائل: هل ما يحدث من هبوط قوي في سوق الأسهم الآن من الممكن أن يدخل ضمن ذلك وأن السوق لم يعد استثماريا؟ الجواب بالنفي بالتأكيد، لآن السوق الآن يمر بفترة عدم اتزان نتيجة للأوضاع الاقتصادية العالمية والهبوط الحادث الآن ما هو إلا رد فعل سريع لما يحدث عالميا ولازال العائد على الاستثمار في كثير من الشركات يشفع للسوق بعدم الاستمرار في الهبوط، وقد بالغ الكثير في ارتباط السوق السعودية بالأسواق العالمية ونفى البعض الأخر خطر تباطؤ الاقتصاد العالمي، ولي هنا وقفة محايدة: لاشك أن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي والذي بالفعل دخل مرحلة الركود يؤثر سلبا على اقتصاديات العالم وبالأخص الصين ودول أمريكا الجنوبية ومن شأن هذا التأثير أن يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط وبالتالي هبوط الأسعار ولكن يظل الاقتصاد السعودي في مأمن حتى وأن وصلت أسعار النفط إلى 70دولاراً أو أقل، لآن ذلك من شأنه أن يخفف العبء على الدولار وبالتالي يرتفع مقارنة بالعملات الأخرى وهنا سيخف التضخم المستورد نوعا ما ولا يوجد حاجة لإعادة تقيم الريال والتي تلوح في الأفق يوماً بعد يوم والتي ستؤثر بالفعل على إيرادات الدولة وعلى حجم الاستثمارات الخارجية للدولة والتي معظمها مقومة بالدولار. الأسواق الناشئة كالسوق السعودية يكون تأثيرها أقل لعدم وجود ارتباط مباشر بالأسواق العالمية خاصة إذا ما علمنا أن السوق السعودية سوق مغلقة إلى حد ما ولم تفتح للمستثمر الأجنبي بشكل مباشر وهذا من شأنه أن يخفف العبء على السوق، ولكن ما هو مستقبل السوق في الوقت الراهن؟ استطيع أن أجيب بنفس الإجابة التي قالها السيد محمد العبار رئيس شركة اعمار قبل أسبوعين تقريبا، وهو أن عام 2008سيكون عام الفرص الذهبية للمستثمر الذكي حيث أن تباطؤ الاقتصاد العالمي سيؤثر مؤقتا في أسواق الخليج ومن ثم ستبرز فرص نادرة لمن يقرأ المستقبل، لآن هناك أموال أجنبية ستهرب من جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي وقد تجد في منطقة الخليج البيئة المناسبة للاستثمار. فهل يكون عام 2008عام الفرص أم أن الأزمة العالمية لا زالت تخفي الكثير، أعتقد أن الخيار الأول هو الأقرب والله أعلم. @ رجل أعمال وأستاذ الإدارة والاقتصاد وعضو جمعية الاقتصاد السعودية