أتوقف كثيرا عند مفارقة اقتصادية واستثمارية لا أجد لها تفسيراً مقنعا وهي أنه ورغم أن هناك هيئة للاستثمار هدفها تيسير شروط الاستثمار وجذب المستثمرين الأجانب إلا أن هؤلاء المستثمرين وكأنهم غير راغبين في الاستثمار ببلدنا وذلك رغم الفرص الاستثمارية الكبيرة والمتعددة في واحد من أفضل عشرين اقتصاد في العالم، فالدورة الاقتصادية لا تزال بعيدة عن استقطاب مستثمرين دوليين مهمين في جميع المجالات وفي مقدمتها مجال الطاقة الذي نحتل به المرتبة الأولى، وهناك شركات عابرة القارات ومتعددة الجنسيات لها أنشطة استثمارية واسعة في مختلف دول العالم ولكن حضورها في السعودية متواضع ومعدوم. طرف المفارقات الثاني هو خروج المستثمر الوطني للاستثمار خارجاً في الوقت الذي ينشط فيه الاقتصاد وحركة الاستثمار في جميع المجالات خاصة إذا ما نظرنا إلى أن انضمام المملكة للتجارة العالمية يفتح آفاقاً جديدة للأنشطة وتطوير وزيادة رساميلها بما يجعلها أكثر في مواجهة التحديات وتلبية شروط المنافسة والاستفادة من المزايا التفصيلية للتجارة العالمية فالواقع الاقتصادي الإقليمي وفقا لمعايير العرض والطلب ونمو رأس المال ليس أفضل من الواقع السعودي حتى يكون بديلاً له، وطالما المملكة تعيش طفرة اقتصادية ثانية فإن ذلك كفيل باستثمار النهضة والمساهمة فيها من خلال الاستثمار في جميع مشروعات التنمية وإبداع مشروعات تنافسية يحتاجها السوق السعودي الذي يعتبر من أكبر الأسواق نشاطا وحيوية. وفي اعتقادي أنه مطلوب من الهيئة العامة للاستثمار دوراً أكبر في استيعاب مثل هذه المفارقة بالوصول إلى المستثمر الأجنبي وتسويق الفرص الاستثمارية المتاحة والمستقبلية وتوفير بيئة استثمارية جاذبة دون الإخلال ببعض الثوابت التي تتعارض مع المصلحة العامة في نفس الوقت وتوفير شروط ميسرة لرأس المال الوطني للنمو والإسهام في التنمية ودراسة الأسباب التي تدعو رجال الأعمال للاستثمار في الخارج وخصوصا دول الجوار كوجهات مفضلة لهم على السوق السعودية، لان بقاء الحال على ما هو عليه له تأثير سلبي كبير على مستقبل الاقتصاد قد يؤدي إلى ركود فيما العالم من حولنا ينمو ويزدهر بمعدلات عالية ومتسارعة ونحن ننمو بشكل أقل في حين أن إمكاناتنا تسمو بنمو أكبر. رجل أعمال وخبير اقتصادي