لا تهب ثقتك لأحد، فقط أعرءها! فرانسوا بروست @@@ ؟ دائماً ما يداهمك إحساس ارتيابي تجاه سلوك الآخر، إحساس متحفظ حيال كل ما يقوم به، أو يمارسه. تمرر له صامتاً، لكنك تشعر بحالة تأزم شديدة تستنزفك كثيراً، مهما حاولت الخروج منها، او تجاوزها. تتفاءل عندما تعبر هذا الإحساس معتقداً أنه إحساس طارئ ومؤقت، ولا ينبغي اعتبار مصافحته لقاء أبدياً. وأنت تحصد قطاف هذا التفاؤل، تتوقف فجأة أمام انضباطك المفاجئ والسريع لتجاهل هذا القطاف. تسود داخلك أحاسيس سيادة خاصة بك، لا تخرج عن نطاق تفعيل الارتياب والتردد مرة أخرى. تحاصرك الأعذار من الطرف الآخر، تسيطر على اللحظة تطرق كل ابواب المدن المغلقة. تفتح منافذ للأسئلة. تجد نفسك محروماً من أي قدرة على الوصول إلى إجابة، أو حتى ترجمة أحاسيسك إلى اسئلة أخرى وإيصالها إلى الآخر، الذي سيظل مستعداً للإجابة وقبلها الأسئلة. تخاف الهزيمة على مشارف الاندفاع. تفزعك الكارثة رغم تراكم مسببات عدم حصولها. حالة من استنساخ الخوف الذي اعتدت أن تعيشه تسطر مفردات ايامك .. رائحة التردد تطوف بالمكان، تصبح ضوءاً يهمس داخل كل الفراغات التي اعتدت على الاختباء فيها. يكرّس استراتيجية انعدام الثقة. تتحول الى كتلة صماء من عدم الفهم، او الاستعداد للفهم. تتوارى كل مسببات وجودك لتحل معها كل مسببات الغياب لا تدري كيف ولماذا تحولت إلى كل ذلك؟ لماذا تبددت لحظات ثقتك بالآخر؟ لماذا حل الظل الكئيب خلف كل تلك الينابيع المتفجرة؟ اخترت أن تمحو كل معالم ما يمكن ان يتصفحه القارئ، او يجد فيه ما يحق له أن يتوقف أمامه. كسرت كل أروقة الطريق. صنعت الفراغ بكل الألوان والأطياف. أتت كما أنت، لم تتغير، ولن تتغير، تختار لحظتك، وزمنك، وحتى طرق انتصاراتك، وتحدد ملامح هزائم غيرك، دون أن تغادر المكان، أو حتى تعلن ذلك ضمن دوائر متاهات الحياة.