في بداية شهر رجب 1428ه تشرفت بحضور مهرجان أرض السيرة والذي حفل بالعديد من الفعاليات الثقافية والشعبية ومنها معرض السيرة النبوية الشريفة، والمعرض التاريخي لقطار الحجاز وبعض الأفلام الوثائقية عن السيرة النبوية، كما رأيت بعض الحرف اليدوية التي تشمل المشغولات الفضية والنحاسية والمشغولات الجلدية وصناعة المسابح.. الخ.. كما كان هناك المقهى الشعبي والمأكولات والمشروبات الشعبية التي تضمها الخيمة الشعبية بالاضافة الى الفنون الشعبية والمجلس المديني وغير ذلك من فعاليات ثقافية وشعبية. ومن الأشياء التي لفتت انتباهي محتويات معرض السيرة النبوية، وما يحفل به من فعاليات وخاصة اللوحات التعريفية لمسار الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكةالمكرمة الى المدينةالمنورة والخريطة الجغرافية والديموغرافية للمدينة المنورة قبل وبعد الهجرة والتي تشمل المعالم النبوية للمدينة وسكانها، وكذلك التصور التقريبي للمسجد الشريف ومراحل توسعه، وموقع حجرات الرسول صلى الله عليه وسلم وما تمثله من بساطة وتواضع في البناء. وقد أعجبت جداً بحسن الإعداد لهذا المعرض في محطة سكة حديد الحجاز الأثرية التي تعد الآن متحفاً مهماً لاستقبال الزائرين. وكنت قد كتبت في مجلة الدارة منذ حوالي عشرين عاماً حول تحويل هذه المحطة الى متحف تراثي في المدينةالمنورة (الدارة محرم 1408ه). ويعد خط سكة حديد الحجاز من أهم إنجازات السلطان العثماني عبدالحميد الذي أنشأه لخدمة حجاج بيت الله الحرام وقد قدرت تكلفته بحوالي 3.5ملايين ليرة عثمانية تبرع السلطان بمبلغ 320الف ليرة من ماله الخاص. وتم جمع التبرعات لتغطية التكلفة من المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية. وقد بوشر العمل في بناء خط سكة حديد الحجاز في الخامس من شهر جمادى الآخرة عام 1318ه أي في عام 1900م. وقد اعتمدت هذه السكة الحديدية في مسارها على طريق الحج البري ثم قررت الحكومة العثمانية ايصال الخط الى دمشق عبر مدينة درعا وصولاً الى المدينةالمنورة، حيث وصل الحجاج الى المدينةالمنورة في خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يوماً. وتوضح سلسلة آثار المملكة بأن أول قطار وصل الى المدينة كان في الخامس والعشرين من شهر رجب 1326ه وقد تعرض خط سكة حديد الحجاز الى كثير من الأضرار والتخريب خلال الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، وفي عام 1917م انضم لورنس العرب الجاسوس البريطاني الى الثوار العرب فحرضهم على نسف الخط تماماً. وأعتقد أنه من المناسب أن تظل محطة سكة الحديد الأثرية مفتوحة للزوار طوال العام مع إنشاء معرض دائم لتراث المدينةالمنورة، وتطور الحياة فيها منذ أقدم العصور وحتى الوقت الحاضر الذي يحفل بكثير من التطور والتقدم في عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله. إنني أدعو جميع من يزور المدينةالمنورة الى رؤية معالمها الإسلامية وكذلك زيارة المحطة بكل ما تحفل به من تراث شعبي وثقافي عريق. والله ولي التوفيق.