طوال الأسبوع الماضي تهاوت الأسواق العالمية وكأنها أصيبت بأنفلونزا حادة لمجرد أن الاقتصاد الأمريكي عطس!! وسوقنا مع الخيل يا شقراء سواء كان الموضوع يهم أو لا يهم فهذه "فرصة" العمر للمضاربين الهوامير لكي يمارسوا عمليات الزحلقة المحببة إليهم!! كيف لا؟ وهي تدر عليهم المليارات من جيوب الخائفين المرعوبين من ذكريات فبراير المشئوم؟! ما حدث هذا الأسبوع يثبت أن العالم أصبح بمثابة "صالة تداول صغيرة" رغم أن الرعب لم يكن مبررا على الإطلاق، فمثلا لو عاشت أمريكا في ركود اقتصادي فلن يكون لذلك تأثير المقصلة علي رقبة العاصي حيث إن الاقتصاد العالمي قد خرج ومنذ زمن طويل من عباءة الاقتصاد الأمريكي مع بروز الاقتصادات المنافسة ضخامة واستهلاكا مثل اليابان والصين والاتحاد الأوروبي. صحيح أن الاقتصاد العالمي سوف يصاب بحالة بطء وتوعك اقتصادي لكن التأثيرات لن تكون خطيرة إلى درجة إحداث انهيارات طينية في الأسواق برمتها. على كل حال، هناك من يقول إن الذي عطس هو الرئيس الأمريكي بوش خلال زيارته الأخيرة للمنطقة حيث أكثر من التهديد والوعيد لإيران ما يخلق في الأجواء غيوماً سياسية تؤثر على الأسواق المرهفة الحس!! في الحقيقة أن أمريكا قد عزمت على أن لا تترك هذه المنطقة بخير.. لماذا؟ لا أحد يدري إلا بالعودة إلى النبوءات الانجيليكية، ربما؟! أمريكا زادت من وتيرة الاحتكاك السياسي والتصعيد اللفظي بعد أن تنفست الصعداء في العراق والشكر موصول للعشائر البدوية التي أعادت إلى الأذهان ذكريات الثورة العربية اللورنسية الشهيرة وقد يعود إلى صفحات التاريخ تقطيع العرب بأسلوب سايكس بيكو كما حدث وكافأت دول التحالف حلفاءها العرب البدو في أعقاب هزيمة الدولة العثمانية!! والأسواق تعاملت بحساسية مفرطة مع هذه الزيارة خاصة الأسواق الخليجية التي تجفل من صفير الصافر!! نعود إلى العطسة الكبرى والتي ساهمت في انزلاق السوق السعودي بالذات وهي النتائج والعناوين الصحفية والتبريرات المصاحبة!! نتائج سابك كانت ممتازة بنسبة نمو وصلت إلى 30% في السنة ولكن العناوين الرئيسية في بعض القنوات الإعلامية جاءت كالتالي "نتائج سابك مخيبة للآمال"!! وهذا هو العنوان الذي يبحث عنه المضاربون الهوامير الذين قادوا صعود سابك خلف وهج الشائعات من بحر المائة ريال إلى بحيرة المائتين وزيادة فكان الوقت المناسب والظروف مواتية لجني الأرباح بطريقتهم الأزلية المعروفة (جني أرواح)!! الأدهى أن التبريرات الرسمية المتناقضة لتفسير تقلص أرباح الربع الرابع لسابك قد ساهمت في صب الزيت على النار الجاهزة للاشتعال وزادت نتائج الراجحي من الأوجاع فكان حتما مقضيا!! ولكن 999نقطة في جلسة واحدة لا تحصل إلا في وقت الحروب والأزمات!! ويستفاد من أحداث الثلاثاء الأسود في حتمية البحث عن طرق للمعالجات الإعلامية الواعية لأحداث السوق وضرورة "التدخل السريع" لتهدئة النفوس والمحافظ أو لتوجيه السوق نحو الاستقرار وعدم ترك الدرعى ترعى!! فالهوامير يضربون والإعلاميون يطبلون ومؤشر السوق يترنح كأنه كرة تنس في مضرب لاعب متهور!! ولعله من العلة الدائمة في سوقنا أن التدخل العادي المطلوب، وليس السريع، هو الآخر مفقود فلا يوجد "صانع سوق" ولا "صندوق توازن" ولا شفافية في تلقي المعلومات والتعامل معها ولا رصد لحالات "تجارة المعلومات الداخلية" ولا "وعي استثمارياً" وطبعا لا يوجد هوامير (صاحين)!! فأصبح المؤشر في مهب الريح كما فعل يوم الأربعاء الهزاز!!