المتصفح للموقع العالمي يو تيوب (Youtube) يلاحظ أن الشباب السعودي له نصيب كبير في المساهمة في نشاطات هذا الموقع الذي يعتمد على مقاطع الفيديو التي يصورها الناس لأنفسهم ولغيرهم. من يشاهد تلك المقاطع العجيبة الغريبة يتعرف على كم الجنون الذي يغلف قلوب وعقول شبابنا. فالمقاطع السعودية منوعة بشكل عجيب. مقاطع مضحكة تجعلك تعيد كل مقطع عشرات المرات. مقاطع انتحارية (تفحيط.. تطعيس.. تزلج على الإسفلت). مهارات فردية واستعراض غير عادي بالكرة. من ضمن جنون شبابنا مجموعة حلقات لمسلسل كرتوني سعودي على الموقع. هذا المسلسل رغم خروجه عن الذوق العام واستخدامه بعض الألفاظ البذيئة وغير المحببة للنفس إلا أن هناك جانباً إبداعياً في العمل يدل على موهبة من قام بإنتاجه. تصوروا أن جنون شبابنا وصل للعالمية، ففي برنامج السيارات الشهير توب قير (Top Gear) فاجأنا مقدم البرنامج عندما ذكر أن لديه لقطات من السعودية لا تصدق. وقام بعرض مقاطع لمفحطين سعوديين وهم يقومون بحركات استعراضية أكد مقدم البرنامج أنها حقيقية وليست مدبلجة. من خلال مقابلتي للكثير من الشباب السعوديين سواء في الخارج أو في السعودية ومن خلال مشاهدتي لعينات من إنتاج الشباب السعودي سواء على النت أو في شوارعنا استطيع القول ان غالبيتهم يتمتع بخفة دم وروح نكتة لا توجد إلا في القليل من الشعوب. كما يمكننا ملاحظة أن الشباب السعودي جريء ويحب المغامرة والإثارة ويكره التقليدية. لديه طاقات عظيمة مهدرة لا يعرف قيمتها حتى الشباب انفسهم. تطبيق أقصى العقوبات على المفحطين ومحترفي الأعمال الجنونية (كما نفعل دائماً) لم يفلح في حل تلك المشاكل. لأن العقوبة لم ولن تردع انتحارياً ولا مجنوناً في يوم من الأيام. فحتى لو تحول كل سكان هذا البلد لرجال امن فإنهم لن يستطيعوا القضاء على جنون الشباب وطيشهم. فانا هنا اقترح أن يتم تبني الشباب السعودي وتوجيه طاقاته فيما ينفع أو على الأقل ما لا يضر. فالشباب الذين أنتجوا العمل الكرتوني (سابق الذكر) وبمساعدة بسيطة يمكن أن ينتجوا عملاً (نظيفاً) يحمل رسالة ويضحك الناس. فهؤلاء الشباب لو تبنتهم قناة تلفزيونية أو شركة فنية لأنتجوا عملاً يفوق الأعمال التي نشاهدها في رمضان. أكاد اجزم أنهم سيتفوقون على أم حديجان وعجايز الفريج ومناحي. ونكون بذلك حولناهم من مجانين لمبدعين. بالنسبة لشبابنا محبي السيارات فان إنشاء أندية للتفحيط وسباقات السيارات وتجهيزها لهم بكل تأكيد اقل خطورة وتكلفة من تركهم يمارسون تلك الهواية في الشوارع المفتوحة وبسيارات مسروقة. اعتقد أننا بحاجة لمشروع وطني لإخراج الشباب من الشوارع. فترك تلك الطاقات تدور في الشوارع واحد من أهم عوامل انتشار المخدرات والسرقة والتفحيط والفكر الإرهابي. فإهمالنا لهم ولقدراتهم أعطى الفرصة لمن استغل تلك الطاقات لتدميرهم وتدميرنا. نحن ما نزال نملك الفرصة لتسخير طاقات شبابنا المتفجرة لإبداع قبل أن يحوله غيرنا لإرهاب.