في جريدة الرياض كعادتها نُشر تقرير عن مستشفى شهار بالطائف فيه الكثير من شكاوى نزلائه؛ ومع اعترافي ان جزءاً من تلك الشكاوى مبالغ فيه؛ إلا انني أجزم بأن من وقع منه القصور أو الظلم؛ لن يكون في قلبه ولو أقل القليل من الإنسانية؛ فكيف رضي بالعمل مع هؤلاء الضعفاء ليظلمهم؛ ونزلاء مستشفى شهار أمراضهم نفسية وعقلية ليس بالإمكان علاجها في منازل ذويهم؛ ولمصلحة المريض ومن يتعامل معه يجب إدخالهم للمستشفى لفترة تقصر أو تطول حسب حالة كل مريض؛ فكما تلتهب المعدة والقولون قد تتعب النفسيات وتزيغ العقول؛ ورغم ارتفاع الوعي الصحي لدى الجميع؛ إلا انه لايزال قاصرا فيما يخص الطبيب النفسي والأمراض النفسية؛ وصورة الطبيب النفسي في نظر الكثير هي التي صورتها بعض الأفلام القديمة عن طبيب منكوش الشعر والهندام (رجه) كثير الكلام؛ والواقع ان الطبيب النفسي يستمع لمرضاه أكثر مما يتكلم؛ لكي (يفضفض) المريض؛ وهو جزء من العلاج السلوكي في الأمراض النفسية؛ ومسؤولية خدمة المريض النفسي مشتركة بين أطراف عدة؛ لعل نصيب وزارة الصحة (أعانها الله) هو الأكبر؛ والصورة المرتسمة في الأذهان عمن يُراد إدخاله لمستشفى المجانين أو العصفورية والتي أتت أيضا من الأفلام المصرية القديمة هي عدة رجال (فتوات) ضخام الأجسام يقومون بمباغتة المريض النفسي والهجوم عليه وإدخاله في (شوال أبيض) وحتى ضربه وتركيبه في سيارة جيب كالتي ينقل فيها المجرمون لإدخاله المستشفى؛ أما الآن (ولله الحمد) فقد تغير الوضع للأفضل على المستوى الرسمي؛ أما على مستوى الأشخاص فلا تزال يشوبها الخوف من أن يوصم من يراجع الطبيب النفسي بالجنون؛ وأذكر انني استضفت العديد من الأطباء النفسيين لمناقشة موضوع الطب النفسي في مجلة صحية كنت رئيسا لتحريرها في عام 1420أجمع المشاركون على أن الكثير من مرضاهم لا يذكرون أسماءهم الحقيقية خاصة في الزيارة الأولى للطبيب النفسي؛ التي تتصارع فيها معاناة ومرض المريض مع الخوف من أن يُعرف اسمه (المريض) وقال أحد الأطباء انه يلمح بعض المرضى (يدق اللطمة) قبل الدخول للعيادة؛ وإلى سوانح قادمة بإذن الله.