في الغالب ومن المتعارف عليه أن أفراد العصابة الإجرامية الواحدة تتكون من مجموعة أشخاص لا تربطهم علاقات أسرية أو جنسية معينة، لكن تجمعهم ظروف اجتماعية وبيولوجية تدفعهم لارتكاب جرائمهم ، تحدث بينهم الخصومات والمشاجرات على الغنيمة ولا يثق بعضهم ببعض، حيث يتحين كل فرد منهم لاغتنام الفرصة للغدر بشريكه في الجريمة ليفوز هو بالغنيمة أو ينقذ حياته بالاعتراف على شريكه ليفلت هو من العقاب !!. كل تلك صفات تجمع المجرمين في الغالب، لكن في هذه العصابة والتي يرتبط أفرادها برئيسهم الذي يتلقون منه التعليمات ويخطط لهم وهو المدعو صدام وهو شاب سوري تجاوز سن الخامسة والثلاثين من العمر التف حوله ثلاثة عشر شاباً من نفس جنسيته السورية شباب في العشرينات عبروا الحدود الدولية منهم من جاء بتأشيرة عمرة وتخلف في المملكة والبقية منهم أصبحوا ينتقلون في المملكة بخطابات ووثائق قاموا وزعيمهم بتزويرها لتنفيذ سرقاتهم التي كبدت شركات ومؤسسات كبري في مناطق المملكة خسائر مالية فادحة وعطلت كثيرا من المشاريع التي أمرت الدولة بتنفيذها في مناطق مختلفة بالمملكة شملت (منطقة الرياض - ومكةالمكرمة والمنطقة الشرقية - ومحافظة جدة - والباحة ومدن في الجهة الجنوبية من المملكة). أفراد هذه العصابة يختلفون عن المجتمع الأصلي للجريمة فرغم عددهم الكبير الذي تجاوز حتى الآن خمسة عشر شخصاً، إلا أنهم تربطهم جنسية واحدة وعلاقات قرابية وأسرية يلتفون حول شخص واحد يمجدونه ويحترمونه ويخضعون لأوامره ويبدون أكثر تماسكاً وتعاوناً، وهذا مما ساعد خلال مدة بقائهم في المملكة على استمرارية تنفيذهم لمخططاتهم الإجرامية دون أن يكشف أمرهم بسهوله. ( بداية البحث عن اللصوص ) أصحاب شركات ومؤسسات كبرى تعمل في حفر وشق الأنفاق وتعبيد الطرق في مختلف مناطق المملكة يتوافدون بين فترة وأخرى للإبلاغ عن سرقة معدات ثقيلة من مواقع المشاريع التي كلفوا بتنفيذها في تلك المناطق في مكة أقسام ومراكز الشرطة تتلقى البلاغات من مندوبي وأصحاب تلك المشاريع عن سرقة معدات ثقيلة من موقع المشروع ولا تختلف المعاناة في المنطقة الشرقية وفي الرياض ومحافظة جدةومكةالمكرمة والمنطقة الجنوبية من المملكة عن المعاناة في مكة الأمر يستدعي وقفة رجال الأمن والبحث عن اللصوص الذين يقفون خلف تلك السرقات في شرطة منطقة الرياض يكلف مديرها اللواء عبدالله الشهراني مدير شعبة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض بمهمة تتبع هؤلاء اللصوص عقب ارتفاع البلاغات في مدينة الرياض من سرقة المعدات الثقيلة من مواقع الشركات والمؤسسات التي تعمل في شق الأنفاق وإقامة الطرق ويترأس العقيد ناصر الدويسي مدير شعبة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض اجتماعا طارئاً للبحث لحل هذه القضية الهامة التي تسببت في تعطيل عدد من المشاريع وكبدت الشركات والمؤسسات والأفراد خسائر فادحة الاجتماع الذي ترأسه العقيد الدويسي ضم فريقا أمنيا من الشعبة وضم رئيس قسم السرقات في الشعبة الرائد منصور ناصر العتيبي والنقيب محمد عبدالعزيز الصالحي والنقيب مبارك الشمري ركز الاجتماع الأول على التحري عن بعض المشتبه بهم ورصد تحركاتهم والتحري عن مواقع الجريمة والأساليب الإجرامية وحصر ذوي النشاط الإجرامي المشبوه في مثل هذه الحوادث وتجنيد المصادر السرية للمساعدة في الوصول للجناة وبعد أيام من عقد الاجتماع الأول يقدم النقيب محمد الصالحي معلومات أولية لمدير شعبة التحريات عن تحديد أحد المشتبه بهم يدعي(صدام) سوري الجنسية ولم يتوقع ضباط البحث المكلفين بمتابعة هذه المهمة والقبض على لصوص المعدات الثقيلة أن يكون اسم صدام اسماً حقيقياً، حيث إن الجناة غالباً ما يتخفون خلف أسماء وهمية حتى لا ينكشفوا ببساطة. ومع استمرار عمليات البحث والتحري جمع مدير شعبة التحريات الضباط المكلفين بالقضية ووضع أمامهم المعلومات التي تم التوصل إليها وتم في هذا الاجتماع الإعلان عن حقيقة الجاني التي أصبحت معلومة ومؤكدة وتم تحديد عدد من مساعديه بمن فيهم مساعد صدام والمدعو بالأشقر وبعض المواقع والأسلوب التي يمكن أن يتم التوصل إليها للصوص مستقبلاً. وأثناء العمل الميداني للفريق المكلف بالقبض على اللصوص وردت معلومات من مصادر سرية عن إحدى الناقلات تقوم بنقل شيول صغير يسمى (بوب كات) وهو من الأنواع التي عادة ما يقوم بسرقتها اللصوص الذين تبحث عنهم شعبة التحريات والبحث الجنائي في هذه القضية تقوم هذه الناقلة بنقلها من الرياض الى المنطقة الشرقية وبتتبع هذه الناقلة تم ضبطها قبل مغادرتها الرياض وألقي القبض على قائدها الذي أنكر التهمة الموجهة إليه تماماً وأخذ يردد أنا مظلوم ويخرج لرجال البحث والتحري الأوراق والعقد بينه وبين الأطراف الآخرين الذين كلفوه بنقل هذا (الشيول) للمنطقة الشرقية أخذ أفراد البحث يتصلون بالأرقام المدونة في الأوراق التي يحملها قائد (الساطحة)، إلا أن جميع الأرقام مغلقة والأوراق مزورة وعلم أن رجال البحث والتحري أن اللصوص قد لاذوا بالفرار هذه المرة، لكنهم كشفوا أسلوباً جديداً من أساليبهم الإجرامية وهو تهريب مسروقاتهم لمناطق المملكة عبر سيارات النقل ومراقبتها من بعيد حتى تصل للهدف المنشود واستمرت خيوط الجريمة تزداد تعقيدا لكن الرائد منصور العتيبي رئيس قسم السرقات والنقيب محمد الصالحي كانوا حريصين على القبض على اللصوص وتسليمهم لرئيسهم في العمل . (كمين آخر لكنه نجح) وبعد أسبوع تتوفر معلومات أخرى لدى شعبة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض عن اثنين من الجنسية السورية يعرضان بيع معدتين ثقيلة بسعر رمزي أقل من قيمتهما الأصلية، حيث تشير المعلومات أن سعر المعدتين وهما (شيولان) (بوب كات) تقدر بمائة وستين ألف ريال، فيما يتم عرض بيعهما بستين ألف ريال فقط، حيث سارعت شعبة التحريات بتتبع عملية بيع هذه المعدات ووضعت كمينا أمنيا للإيقاع بالأشخاص المشتبه فيهم ومع ذلك استمرت الخطة أيام ولم يظهر المشتبه فيهم حتى جاء اليوم الذي أثمرت فيه الخطة الأمنية عن الإطاحة بهما، حيث حضر إثنان من الجنسية السورية مبدين رغبتهما عن بيع تلك المعدات بسعر رمزي مبررين ذلك بدواعي سفرهم للخارج وبالانتقال معهم للموقع ألقي القبض عليهما وبمقارنة بعض البلاغات وأوصاف بعض المسروقات بما هو معروض تم التأكد أن تلك المعدات من المعدات التي تم سرقتها من مشاريع في مكةالمكرمة وتم تهريبها للرياض وبمواجهة المقبوض عليهما اعترفا بسرقة تلك المعدات من أجل الكسب المادي السريع ويقوم اللصوص بإرشاد رجال الأمن لمواقع بقية شركائهم في تلك الجرائم بما فيهم زعيم العصابة (صدام) وتقوم شعبة التحريات والبحث الجنائي بشرطة الرياض بدهم سريع لموقع المطلوبين في إحدى المناطق الصحراوية ويعثر لديهم على عشرة شيولات مسروقة ويلقى القبض على تسعة آخرين من أفراد هذه العصابة ليصبح العدد أحد عشر من المقبوض عليهم ويبدأ أفراد هذه العصابة في سرد اعترافاتهم وارتكاب تلك الجرائم التي مرت بمراحل مختلفة أحدهم قال... كنا نبحث عن مواقع المشاريع الهامة وخاصة التي تقام على الطرق السريعة ونبحث عن نوع معين من المعدات يسهل علينا تشغيله ثم نقوم بوضعه في مكان بعيد عن مكان المشروع وبعد ذلك يكون البقية منا قد قاموا بجلب سيارة (ساطحة) لتهريبه لمكان بعيد عن الموقع فما نقوم بسرقته من مشروع في الرياض نقوم بتهريبه لمكة أو جدة أو المنطقة الشرقية أو المنطقة الجنوبية وما يتم سرقته من مكة يتم تهريبه للرياض أو المنطقة الشرقية وهكذا. ويواصل آخر اعترافه قائلاً: أنا دوري تزوير الوثائق التي يتم بواسطتها مرور تلك المسروقات عبر المنافذ الأمنية بوثائق مزورة من عقود للمشاريع أو استمارات ورخص وخطابات تنقل وعقود بيع وهمية من شركات ووكالات كبرى ومعارض سيارات، أما زميلاه الآخران فقال:ا دورنا مراقبة الطريق حتى تصل الشاحنة للموقع المطلوب دون علم صاحب تلك الشاحنة أن ما يقوم بنقله مسروقة !! وعندما نشاهد تعثره في إحدى نقاط التفتيش نهرب من المكان ونخبر زعيم العصابة وننتقل من منطقة الى منطقة أخرى . ويؤكد اللصوص في اعترافاتهم أن جرائمهم مرت بمراحل كانوا فيها شديدي الحذر أثناء تنفيذها وأنهم قاموا بارتكاب ما يقرب من أربعين حالة سرقة قاموا بتشغيلها في مشاريع وبيعها. أحدهم اعترف أنه مما قام بسرقته مؤخراً (بوكلين) موديل 2001قيمته تقدر بأربعمائة ألف ريال قام بوضعه على(بوكلين) سابق موديل 86مشلح وقام باستخراج أوراق ثبوت ملكية له !!!. يقوم الرائد منصور العتيبي بمراجعة المحاضر السابقة ويقاطعه النقيب الصالحي أعرف ما تفكر فيه رائد منصور هناك أربعة من اللصوص لا زالوا فارين من العادلة يبتسم الرائد منصور ويقول (كلامك في مكانه) ويعاد التحقيق مع اللصوص المقبوض عليهم من جديد ليعترف أحدهم أن الأربعة الذين تبحثون عنهم يعملون في أحد المشاريع الكبرى بمعدات قاموا بسرقتها برواتب شهرية تصل لعشرة آلاف ريال ويحدد المشروع وتبدأ ملاحقة اللصوص من جديد وتصل قوة شعبة التحريات والبحث الجنائي بقيادة النقيب محمد الصالحي ويتم تطويق المشروع في أحد الطرق السريعة ويتم ضبط اللصوص الأربعة دون هرب أحد منهم وتتم مصادرة المعدات المسروقة ويستكمل التحقيق مع اللصوص ويعترفون بتغيير هياكل المسروقات بهياكل أخرى وتشغيلها في عدة مشاريع في مختلف مناطق المملكة !!وتأجيرها على المقاولين في تلك المشاريع وبيعها أحياناً على أبناء جلدتهم بمبالغ زهيدة جدا تصل لربع القيمة الحقيقية للمعدة المسروقة ويقفل محضر التحقيق باعتراف اللصوص وتستمر المشاريع التنموية التي تحرص الدولة على إقامتها لتنفيذ شبكات الطرق التي تربط مناطق المملكة لكن هذه المرة دون عصابات تهدد الشركات المنفذة بخسائر فادحة وتتسبب في تأخير تلك المشاريع والفضل يرجع لجهود ويقظة رجال الأمن في شعبة التحريات بشرطة الرياض.