قضى التركي محمد علي دانيسمان واحد وثلاثين عاماً من عمره في هذه البلدة الجذابة القابعة في حضن الجبال إلى الشمال الغربي من فرانكفورت غير انه ما يزال لا يعتبر أي من الألمان أصدقاء له. عندما قدم دانيسمان من تركيا في عام 1969 كان يطمح في الحصول على عمل مستقر لكي يتمكن من إرسال المال إلى والديه وزوجته قرب الحدود التركية مع سوريا. وبالفعل حصل دانيسمان على وظيفة بأحد المصانع في نيدرشيلد وتعلم من اللغة الألمانية ما يكفيه للتخاطب مع زملائه في العمل ولكن بخلاف ذلك ظلت علاقته محصورة في بني جلدته من الأتراك المهاجرين. وفي الوقت الذي يستعد فيه قادة الاتحاد الأوروبي لتقرير مسألة انضمام تركيا للاتحاد في الأسبوع القادم يفكر المعارضين لعضوية تركيا في الاتحاد في أمثال دانيسمان-63 عاماً- عندما يثيرون المخاوف من عدم انسجام الأتراك مع بقية شعوب الاتحاد. وفي ألمانيا التي تستضيف اكبر جالية تركية في أوروبا الغربية أثار مقتل مخرج الأفلام الهولندي ثيو فان جوخ في الثاني من نوفمبر الماضي على يد متطرفين إسلاميين مخاوف السياسيين الأوربيين من احتمال أن يؤدي عدم انصهار المهاجرين إلى نزاع. وهنالك أيضا مخاوف من أن يتسبب فتح أبواب الاتحاد أمام تركيا (الأقل ثراءً) في موجة جديدة من الهجرة. ولكن قصة دانيسمان لا تنتهي عنده فقد ولد ونشأ أربعة من أطفاله الستة في ألمانيا. ويعتبر هؤلاء الأبناء الأربعة ألمانيا وطنهم بالرغم من انهم ما يزالون يكافحون حتى يعترف بهم كمواطنين ألمان. وقالت عائشة دانيسمان-31 عاماً-«لا أريد العودة إلى تركيا. حقيقة لا يوجد شيء مشترك بيني وبين الناس هناك. عندما اذهب لتركيا الناس ينظرون إلي كألمانية. أنا أجنبية هنا وهناك أيضا». وبينما تتمسك والدة عائشة بزيها التركي التقليدي تقبل عائشة بكلتي الثقافتين في لبسها فهي ترتدي تنورات وجاكتات الجينز وتضع على رأسها غطاء. أما لغتها الألمانية فلا تشوبها شائبة. وكانت عائشة قد تزوجت من مواطنها التركي فيدات في تركيا في عام 1995 وقامت بتسهيل إجراءات قدومه للعيش معها في ألمانيا. ولكن على خلاف والدها الذي وجد الأبواب مشرعة أمامه حينما قدم لأول مرة على ألمانياالغربية التي كانت تعيش طفرة اقتصادية في فترة ما بعد الحرب العالمية تواجه عائشة أوقات صعبة الآن. فعندما ذهبت لوكالة التوظيف قيل لها «فرص العمل متاحة في المقام الأول للألمان ثم مواطني دول الاتحاد الأوربي ثم لأمثالك». وتقول عائشة «سيكون أمرا طيباً لو قبلت تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي. سوف يسهل لنا ذلك كل الأمور. وتسبب تباطؤ الاقتصاد الألماني في حالة من النفور بين المضيفين والمهاجرين». ويقول دانيسمان بان الوضع اختلف عما كان عليه عند قدومه في عام 1969 فقد رحب به أصحاب العمل الذين كانوا يبحثون عمن يقومون بالأعمال اليدوية في ألمانياالغربية في ذلك الوقت. ويضيف دانيسمان وهو يداعب حبات مسبحته بينما كانت ابنته عائشة تقوم بالترجمة «لقد كان الألمان ودودين في ذلك الوقت وكانوا ينادوننا بالضيوف الأعزاء ولكن هذه اللهجة اختفت الآن وحلت مكانها عبارات مثل أيها الأجانب القذرين اخرجوا من بلادنا». وتتنازع الأهواء أكثر من مليوني تركي يمثلون الجالية التركية المعقدة التركيب في ألمانيا حيث إن الجيل الشاب يجد نفسه محتار بين تطلعه للاعتراف بهم كألمان وبين المحافظة على هويتهم من الانصهار في بوتقة مجتمع المدينة الكبير. وفي التجمعات الصغيرة مثل نيدرشيلد حيث يعيش 1,973 ألمانياً و183 أجنبيا يبدو أن الانصهار أمر لا مفر منه.