على الرغم من أن العلماء يعملون بلا كلل على تطوير التقنيات الحديثة، فإن هذا التطور التقني الرائع يحمل في طياته عددا من التحديات والمخاطر ومن أهم هذه التحديات "الغباء الجماعي" إن صحّ التعبير. مع تحول العالم إلى مجتمع يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يؤدي الاعتماد الزائد عليه إلى فقدان المهارات والقدرات الأساسية التي تعتمد عليها الحياة اليومية. على سبيل المثال، الاعتماد الشديد على "خرائط غوغل" قد يؤدي إلى فقدان القدرة على معرفة طرقنا اليومية بشكل تقليدي مما يفقدنا الإلمام بتفاصيل المدينة التي نسكنها ونعشقها، في حين قد يؤثر الاعتماد الكبير على الكتابة الإلكترونية على القدرة على كتابة النصوص بالطريقة اليدوية التقليدية وفي الجانب الحسابي قد يكون الاعتماد على الحاسبات الإلكترونية، يفقدنا الحساب الذهني للمعادلات اليسيرة ومن أهمها جدول الضرب الذي أعشقه منذ الصغر وأخشى من فقدانه بسبب الاعتماد على التقنية بشكل لحظي وبصورة جماعية! الغباء الجماعي هو أحد المخاطر الجديدة التي تطرحها التقنية الحديثة. يمثل هذا المصطلح مجموعة من الناس تتخذ قرارات غير صائبة، حيث تتبنى طرقا وأساليب قد تكون غير منطقية أو غير فعالة. تنشأ هذه الظاهرة نتيجة للعوامل المتداخلة التي تؤثر على المجموعة ككل. من بين هذه العوامل، يمكن الإشارة إلى ضغط المجموعة، إذ يميل الأغلب إلى التوافق مع الآراء السائدة حتى وإن كانت غير دقيقة، كما أن نقص المعلومات أو عدم تنوعها يمكن أن يسهم أيضا في اتخاذ قرارات غير مدروسة، إذ فقد يعتمد البعض على مصادر محدودة قد تؤدي إلى تحيزات في التفكير. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر غياب القيادة الفعالة في توجيه المجموعة نحو التفكير النقدي والتحليل الدقيق. تاريخيا، يمكن رؤية آثار الغباء الجماعي في أحداث مثل حادثة "تيتانك" عندما تم تجاهل تحذيرات عن وجود جليد في المحيط بسبب الثقة المفرطة في تصميم السفينة. كذلك، يمكن اعتبار محاكمة «سالم 1692» مثالا آخر، حيث تم اتخاذ قرارات جماعية بناء على الخوف والذعر، مما أدى إلى إعدام العديد من الأبرياء. في العصر الحديث، يمكن أن نرى آثار الغباء الجماعي في أزمة المال 2006، حيث قاد الاعتماد الجماعي على تقييمات خاطئة وتوقعات غير دقيقة إلى انهيار السوق وخسائر جماعية مؤلمة. لتفادي الغباء الجماعي في القرارات الجماعية، من الضروري تعزيز التواصل الفعال بين أعضاء المجموعة من خلال تشجيع الأفراد على التعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم بشكل مستقل، مما يسهم في تنويع الأفكار المطروحة. كما يجب تشجيع التفكير النقدي من خلال طرح الأسئلة المناسبة وتحدي الافتراضات السائدة. ومن ذلك استخدام استراتيجيات كالعصف الذهني، لجمع الأفكار بشكل فردي قبل مناقشتها جماعيا، مما يقلل من ضغط المجموعة ويعزز التفكير المستقل. بصيرة: التعامل مع هذه الظواهر يتطلب وعيا نقديا بشأن كيفية استخدام التقنية وتمحيص الرأي السائد، مما يساعدنا في مواجهة التحديات المستقبلية بفعالية.