التفكير النقدي (Critical Thinking) يساعد مدير المشروع في إلغاء التحيزات والآراء المسبقة والفرضيات المتوقعة بناء على القوالب النمطية، ومما لا شك فيه أن تبني أفكار معينة بناء على خبرات سابقة هو ما يضفي التفكير في دائرة واحدة وعدم القدرة على تحليل ونقد الأفكار بطريقة موضوعية. سوف أتحدث في مقالي عن التفكير النقدي فهو درجة من درجات الوعي التي تصنع القرارات النوعية في سير المشروع وتحقيق أهدافه. إذاً ما التفكير النقدي؟ ليس هناك تعريف ثابت للتفكير النقدي فقد اختلف العلماء منذ العصور السابقة في تعريفه ولكن يمكن القول بصورة موجزة إنه القدرة على التفكير بوضوح وعقلانية، وفهم العلاقة المنطقية بين الأفكار، بالإضافة إلى أنه يغطي جوانب عديدة من الاتصال والتحليل وتقييم المواقف والمعلومات بشكل نقدي لكي تبقى عقلانياً بعيداً عن التحيزات. لماذا التفكير النقدي؟ إن العالم الذي تعيش فيه يُحتم عليك مواكبته بنظرة تحليلية نقدية حيث إن السرعة في الوصول للمعلومات والتطور التقني التكنولوجي يساعد في الاستفادة من التجارب والخبرات السابقة سواء المشاريع المتعثرة أو المتأخرة أو تلك التي نفذت بطريقة لا تتواءم مع الإمكانيات المتاحة لها، ونتيجة لذلك إن الحفظ لم يعد ذا فائدة في مواكبة المعطيات التحليلية والتي مخرجاتها تعد نقلة مبتكرة ومتجددة بناء على الاستنتاجات القائمة على الأسئلة والتفكير العميق. كما أود أن أنوه أنه لا يمكن أن تكون مثالياً في التفكير النقدي لأنه يتطلب منك أن تكون غير متحيز تماماً وهو أمر بالنسبة للإنسان شبه مستحيل. لماذا يحتاج مدير المشروع التفكير النقدي؟ المشروع هو عبارة عن مراحل قيد التنفيذ ضمن إطار زمني محدد بناء على خطة معينة، لن يكون لديك معلومات دقيقة عن المستقبل ومن هنا يتعين وضع الافتراضات المختلفة لأسوأ الأحوال ولا يوجد مشروع يعتمد على الآراء والافتراضات غير المعلنة بطبيعة الحال، ولذلك نجاح المشروع يعتمد على دراسة الحقائق المبنية على البيانات والخروج بالنتائج بناء على تشجيع المناقشات بين الفريق وأصحاب المصلحة من أجل معالجة التحيزات التي تندرج في قوالب معينة حتى يمكن فهم الموقف بصورة أفضل مما يقلل من تكرار المشكلات والتحسين المستمر والتطوير النوعي. ما تحديات التفكير النقدي في المشاريع؟ الوقت من أكبر التحديات التي تواجه أسلوب التفكير النقدي والذي يحتاج الوقت ليتناغم مع سرعة إيقاع المشروع والمواعيد النهائية والاجتماعات والإنجازات المرحلية، مما يصعب عملية التفكير النقدي المعقدة على الرغم من أنه من المفترض إعطاء العقل والمنطق الوقت والأولوية، لذلك تجربتك ومدى تفعيل التفكير النقدي في العمليات المختلفة سوف يمكنانك من استخدام تلك المهارة بشكل أسرع. قد لا يحب أصحاب المصلحة في المشروع الدخول في مناقشات تخرجهم عن المسار والافتراضات المسبقة لديهم لأنه قد تنتج عنها تكاليف أخرى لذلك يصعب تغيير رأيهم ولكن قد يساعد إجراء محادثات فردية وتقديم الحقائق المدعومة بالأرقام والبراهين بالإضافة إلى اختبار النتائج في حال اختيار مسار أصحاب المصلحة في عملية التفكير النقدي المؤثرة في المشروع. إن عدم طرح الأسئلة المهمة والتي يؤدي طرحها إلى العديد من الاستنتاجات والافتراضات المهمة في المشروع فلا يمكن الحصول على الإجابة الصحيحة دون طرح السؤال الصحيح وبالتالي الحصول على نظرة أكثر شمولية واستغلالها في المشروع. ختاماً، إن مهارة التفكير النقدي وتوظيفها يخرجانك عن النمطية والتنفيذ الروتيني الذي قد يتأثر بعوامل عديدة تؤثر على توازنات المشروع فالإجابة الصحيحة ليست واضحة دائماً وكما يقول ألبرت أينشتاين: (أهم شيء هو أن لا تتوقف عن السؤال) تنمية قدرتك في التفكير النقدي واستثمارها في التنفيذ يمكنانك من وضع علامة فارقة وقيمة مضافة في إدارة المشروع. * متخصص في إدارة المشروعات