المملكة.. وجهة استثمارية وسياحية واعدة الذكرى التاسعة من انطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، شكلت نقطة تحول تاريخية في مسار التنمية الوطنية، ووضعت أسساً واضحة لمستقبل أكثر ازدهارا وتنويعاً لاقتصاد البلاد، جاءت هذه الرؤية بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، لتجسد طموحات وطن يسعى إلى التحول من الاعتماد الأساسي على النفط، إلى اقتصاد متنوع ومستدام، يقوم على الابتكار وتمكين الإنسان واستثمار الثروات الكامنة في المجتمع السعودي، مع التركيز على الإنسان باعتباره المحور الرئيس للتنمية. إن رؤية 2030 جات في وقت كانت فيه المملكة تقف أمام تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب حلولاً جذرية فكانت الاستجابة جريئة ومبتكرة لتعلن عن مشروعاً وطنياً شاملاً يعكس تطلعات المملكة نحو الريادة العالمية في مختلف المجالات، فهي تمحورت نحو ثلاثة محاور رئيسة: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح، فمنذ انطلاق الرؤية شهدت المملكة تحولات كبرى وغير مسبوقة، تم إطلاق العديد من المبادرات والمشروعات الضخمة الكبرى التي غيرت ملامح الواقع السعودي، مثل مشروع نيوم، القدية، مشروع البحر الأحمر، وبرنامج جودة الحياة، وبرنامج التحول الوطني، والصناعات التحويلية، إلى جانب التحولات الكبيرة في قطاعات الترفيه، والتعليم، والرعاية الصحية، والثقافية، والسياحة، والرياضة، مما عزز من حضور المملكة على خارطة العالم وجعلها وجهة استثمارية وسياحية واعدة، أسهمت في تحسين جودة الحياة وتعزيز الهوية الوطنية والانفتاح الثقافي، كما شهدت السنوات الماضية تمكيناً غير مسبوق للمرأة السعودية ومنها فرص واسعة في سوق العمل والقيادة، وتطوير شامل في البنية التحتية والخدمات الحكومية الرقمية التي أحرزت المملكة تقدماً ملحوظاً في تحسين كفاءة العمل الحكومي وتسهيل الوصول إلى الخدمات عبر المنصات الرقمية وهو ما إسهم في رفع مستوى الشفافية وعزيز ثقة المواطن والمستثمر في مؤسسات الدولة. تجديد العزم والطموح إن ذكرى انطلاق رؤية 2030 ليست فقط مناسبة للاحتفال بما تحقق، بل تمثل محطة تأمل في الدروس المستفادة وتجديد العزم والطموح على مواصلة المسيرة نحو مستقبل أفضل مدفوعاً بإرادة قيادة شابة وطموحة، ودعم مجتمعي واسع، متسارعة مدعومة بنتائج ملموسة في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تجعل من المستقبل السعودية قصة نجاح ملهمة للعالم، كما تؤكد أن المملكة ماضية في مسارها نحو التميز والريادة العالمية ومع بقاء بضع سنوات على حلول عام 2030 فإن الحصاد المنتظر ينبئ بمزيد من الإنجازات التي ستعيد رسم ملامح المملكة وتؤكد قدرتها على التغيير الإيجابي والنمو المستدام. مع كل عام يمر تبرهن المملكة على التزامها بتحقيق أهداف الرؤية رغم التحديات، بفضل الإرادة السياسية الصلبة، والدعم المجتمعي والعمل المؤسسي المنظم، وهذا ما اظهرته لنا تقارير محلية ودولية مؤشرات إيجابية حول تحقيق اهداف الرؤية 2030، إن ذكرى يوم انطلاق الرؤية ليس بذكرى إعلان وثيقة بل لحظة تأسيس لمرحلة جديدة من التاريخ السعودي عنوانها التحول، الطموح، الاستدامة. خطوات جبارة نحو تحقيق مستهدفات استطاعت المملكة أن تخطو خطوات جبارة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في مجال السياحة مع وجود رؤية واضحة ودعم حكومي ضخم وإرادة شعبية مُستمرة على نفس وتيرة العمل المليئة بالطموح والشغف، لتصبح المملكة من بين أهم الوجهات السياحية في العالم، كما أنها تتمتع بتنوع ثقافي وحضاري فريد يشكل عنصراً أساسياً في نهضتها السياحية وهذا مما يسهم في بناء اقتصاد مزدهر ومتنوع ومستدام، فقد شهد قطاع السياحة نقلة نوعية مدفوعة برؤية واضحة باعتبار السياحة أحد أعمدة الاقتصاد المستقبلي، فالمملكة ليست وجهة سياحية بطبيعتها الجغرافية فحسب، بل أيضاً بثقافتها الغنية وتراثها العريق الممتد لآلاف السنين والذي أصبح عامل جذب رئيساً للسياح المحليين والدوليين، لذا يعتبر قطاع السياحة رافداً مهماً في تنمية الاقتصاد الوطني وقطاعاً إنتاجياً رئيساً للوطن، فيما يتعلق بجذب المواطن للسياحة الداخلية، وزيادة فرص الاستثمار وتنمية الإمكانات البشرية الوطنية وتطويرها، وخدمة لهذا التوجه صدر قرار في فبراير 2020 بإنشاء وزارة للسياحة وذلك في خطوة استراتيجية لدعم التحول الوطني وتفعيل القطاع السياحي كأحد محركات النمو الاقتصادي وتعد الوزارة الجهة الحكومية المسؤولة عن رسم السياسيات والتشريعات، وتنظيم وتطوير القطاع السياحي بشكل شامل في المملكة، حيث يعمل القطاع وفق منظومة موحدة تضم ثلاث جهات حكومية تتكامل فيما بينها للارتقاء بالمنظومة السياحية ورفع كفاءاتها، وهي: وزارة السياحة المعنية بوضع الأنظمة والتشريعات للقطاع السياحي، بالإضافة إلى الهيئة السعودية للسياحة، ووهي الجهة المُنظّمة والمسوّقة للمنتجات السياحية، والمسؤولة عن إثراء تجربة السيَّاح من خلال رفع مستوى الخدمات السياحية في المملكة، كما وضعت المملكة عدة مستهدفات لتطوير القطاع السياحي ووفقاً لاستراتيجية تنمية السياحة الوطنية التي أطلقت عام 2019م، تستهدف المملكة استقبال 100 مليون زائر سنويا من الداخل والخارج بحلول عام 2030م، لتكون بين أكثر دول العالم استقطاباً للسياح على مستوى العالم، مع استهداف زيادة إسهام القطاع السياحي مباشرة في إجمالي الناتج المحلي من 3 إلى 10 % إلى جانب استهداف زيادة عدد الوظائف في القطاع لتصل إلى 16 مليون وظيفة في عام 2030م. استثمارات ضخمة في البنية التحتية تعتبر رؤية 2030 خطوة استراتيجية مهمة نحو تحويل المملكة العربية السعودية إلى وجهة سياحية عالمية، من خلال الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية السياحية وتطوير المشروعات الكبرى وتنوع الثقافات المختلفة، حيث تتميز المملكة العربية بطبيعتها الفريدة ومزاياها الجغرافية المتنوعة، وتضم بيئات عديدة تتراوح بين الصحاري الشاسعة، والسواحل الخلابة، والجبال الشاهقة، والأودية الخضراء، هذه التشكيلة الفريدة من البيئات الطبيعية تجعل المملكة وجهة مثالية للسياح والمستثمرين على حد سواء، فقد تضافرت جهود هيئات الدولة ذات العلاقة لإطلاق مبادرات وضخ استثمارات نتج عنها إنجازات عكست قدرة المملكة على أن تكون وجهة سياحية جاذبة للزوار من جميع أنحاء العالم، فالسياحة الثقافية من أبرز أنواع السياحة الواعدة في المملكة لما تمتلكه من إرث حضاري غني ومواقع تراثية متنوعة فقد أثبتت التجارب العالمية أن الاستثمار في السياحة الثقافية يحقق عوائد اقتصادية طويلة الأمد، إضافة إلى دوره في خلق فرص العمل وتنمية المجتمعات المحلية. قيمة حضارية كبيرة لذا أعطت المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً للحفاظ على تراثها الثقافي والتاريخي الغني، لما تعتبره موطناً للعديد من المواقع التاريخية والأثرية التي تحمل قيمة حضارية كبيرة، فقد اعترفت منظمة اليونسكو بعدد من هذه المواقع كمواقع للتراث العالمي ومن بين هذه المواقع مدينة العلا التي تعد واحدة من أهم الوجهات السياحية التي تعكس تاريخ المملكة العريق، أيضا وتُعتبر الدرعية التاريخية موقعاً ثقافياً مهماً يعكس بدايات الدولة السعودية الأولى، والفنون الصخرية في جبة والشويمس ضمن جبل أم سنمان التي تتميز باللوحات الإفريزية ودقة تنفيذها فيما يتميز جبل سنمان بالعديد من النقوش الثمودية والرسومات الغنية بمشاهدة الحياة اليومية، وفي سبتمبر 2023 أعلن عن تسجيل محمية عروق بني معارض في قائمة التراث العالمي كأول موقع للتراث العالمي الطبيعي على أراضي المملكة وتزيد على 12ز787كم2 مساحة وتضم نحو 120 نوعاً من النباتات البرية الأصيلة والحيوانات الفطرية المهددة بالانقراض، وغيرها من المواقع التراثية التي تضمها قائمة منظمة الأممالمتحدة اليونسكو حيث بلغ عددها 8 مواقع، وتقوم وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة الثقافة وهيئة التراث على ربط المواقع الأثرية والمهرجانات الثقافية بباقات سياحية متكاملة لتعزيز هذا النوع من السياحة ودمجة في السوق العالمية. تعزيز الهوية الوطنية إن السياحة في المملكة لا تقتصر على المكاسب المادية فقط بل تتمثل بأنها وسيلة قوية لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الانتماء لدى المواطنين، فمن خلال زيارة المواقع التاريخية والمشاركة في الفعاليات الثقافية، يتعرف المواطن السعودي والزوار على قصة المملكة وتاريخها المتجذر ومما يعزز الهوية الوطنية لدى السائح السعودي ربط الأجيال الجديدة بتراثها عبر زيارة المواقع التراثية، عرض التقاليد والعادات من خلال المهرجانات والأسواق الشعبية، تمكين الحرفيين والفنانين المحليين من نقل ثقافتهم بأسلوب معاصر وجاذب، بناء صورة ذهنية إيجابية عن المملكة لدى الزوار الدوليين ما يُرسخ حضورها الثقافي عالمياً، فالرؤية تؤكد أن الثقافة جزء لا يتجزأ من نهضة المملكة فالسياحة وسيلة فعالة لجعل الثقافة منتجاً اقتصادياً وهوياتي في آن واحد، فقد حققت المملكة نمواً بنسبة 73 % في عدد السياح الدوليين و207 % في إيرادات السياحة الدولية مقارنةً بعام 2019 متصدرة بذلك دول مجموعة العشرين، كما استقبلت المملكة 21 مليون سائح حتى نهاية الربع الثالث من عام 2024 مما يعكس نمواً ملحوظاً في القطاع السياحي، وبلغ الإنفاق السياحي للوافدين نحو 25 مليار ريال خلال الربع الثالث بزيادة 27.3 % مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، حيث تسعى المملكة إلى جذب 70 مليون سائح دولي بحلول عام 2030 من خلال التركيز على الأسواق الرئيسة مثل الصين والهند وأوروبا، وتسعى المملكة على تطوير البنية التحتية السياحية وتعزيز تجربة الزوار، بما في ذلك التوسع في عدد الغرف الفندقية والمرافق الترفيهية. تغييرات جذرية في نظام التأشيرات من جانبه قال رئيس مجلس الإدارة لإحدى التطبيقات الخاصة بحجز الفنادق والطيران الأستاذ عبدالرزاق الزهراني: إن المملكة معروفة بطبيعتها الملئية بالتنوع الثقافي المختلف لذا نجد أن هناك عوامل أدت إلى نمو القطاع السياحي بشكل سريع وكبير، فهناك مجموعة قرارات استراتيجية مهمة صبت في مصلحة تطوير السياحة، أولها دعم القيادة الرشيدة للقطاع السياحي والذي يظهر لنا في كمية المشروعات الضخمة، ثم قرار التغييرات الجذرية في نظام التأشيرات التي فتحت المملكة أبوابها لأكثر من 50 دولة بتأشيرات إلكترونية، أيضاً الفعاليات الضخمة التي استضافتها المملكة على أرضها كموسم الرياض، ورالي داكار، والفورمولا، وغيرها من الفعاليات التي وضعت المملكة على الخريطة العالمية. وتابع الزهراني: نُلاحظ اليوم هذا التغيير بشكل كبير ومباشر وذلك من خلال الزيادة الكبيرة التي نشاهدها في تطبيقنا من حجوزات الفنادق والطيران خلال المواسم المختلفة، فالأرقام تتلكم بوضوح عن نجاح خطة تنوع الدخل والاستثمار في السياحة، فمن واقع الأرقام التي نُشاهدها في التطبيق تُثبت أن قطاع السياحة في دولتنا العظيمة في نمو مستمر. وأضاف الزهراني، أن التنوع الثقافي من أهم نقاط القوة التي تتميز بها السعودية عن باقي الوجهات السياحية، فالتكامل بين السياحة والثقافة حاضرة ومتجانسة بين بعضهما فكل منهما مُكمل للآخر، فالسائح مثلاً ممكن أن يبدأ رحلته من مكة أو المدينة زيارة دينية، ثم يذهب إلى العلا قاصدا مدائن صالح هنا تكمن المناظر الطبيعية الخلابة، ليكُن بعدها فعاليات ومغامرات مختلفة بأماكن مختلفة يستطيع أن يختار ما يُناسبة ويميل إليه، وهذا ما نُشاهده من خلال تخطيط الأشخاص أثناء حجز رحلاتهم لحضور الفعاليات المقامة في المملكة. وتابع: إقامة المشروعات العملاقة وإصدار قرارات في قطاع السياحة غيرت اللعبة تماماً فلو رجعنا إلى الخلف لن يتخيل أحد أن السعودية ممكن تكون وجهة سياحية عالمية بهذه القوة متصدرة العالم، ولكن مع هذه المشروعات صار الوضع مختلف تماماً، فهذه المشروعات ليست عبارة عن مواقع سياحية بل هي نظام متكامل للسياحة في المملكة، وقد فتحت مجالات استثمارية كبيرة في قطاع الضيافة والخدمات وهذا بالضبط ما جعلنا متفائلين بمستقبل السياحة في المملكة.