الأهلي يكتسح الفيحاء بخماسية    إنتر ميلان يعلن إصابة مهاجمه قبل مواجهة برشلونة المرتقبة    القبض على 4 يمنيين بمكة لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بنشر إعلانات حملات حج وهمية    عبدالله السلوم البهلال مدير تعليم عسير الأسبق في ذمة الله    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات    محافظ الطائف يستقبل مدير عام الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    إدارة الأمن السيبراني بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تحصل على شهادة الآيزو    بلدية البصر تطرح فرصة استثمارية في مجال أنشطة الخدمات العامة    جمعية المودة تدشّن "وحدة سامي الجفالي للتكامل الحسي"    وزارة التعليم تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية القيادات الكشفية    القائد الكشفي محمد بن سعد العمري: مسيرة عطاء وقيادة ملهمة    ٢٤ ألف زائر وأكثر من 4 آلاف اتفاقية في منتدى العمرة    صيد سمك الحريد بجزر فرسان .. موروث شعبي ومناسبة سعيدة يحتفي بها الأهالي منذ مئات السنين    «حرس الحدود» بينبع يحبط تهريب (3.6) كجم "حشيش"    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الثميري في وفاة والدتهم    خطباء المملكة الإسراف في الموائد منكر وكسر لقلوب الفقراء والمساكين    وفاة الفنان المصري سليمان عيد إثر تعرضه ل"أزمة قلبية"    روبي ويليامز: طلبات التقاط الصور الذاتية تصيبني ب «الذعر»    وزير الصحة يزور الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في مدينة ليون    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    مبادرة "نبض إنسان" تواصل جهودها التوعوية    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    تشكيل النصر المتوقع أمام القادسية    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    مرصد حقوقي: المجاعة وشيكة في غزة ومليون طفل يعانون سوء تغذية حاد    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    النفط يسجل زيادة بأكثر من 3 بالمئة    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    تشيلسي الإنجليزي يتأهل للمربع الذهبي بدوري المؤتمر الأوروبي    ممتاز الطائرة : الأهلي يواجه الاتحاد .. والابتسام يستضيف الهلال    الغزواني يقود منتخب جازان للفوز بالمركز الأول في ماراثون كأس المدير العام للمناطق    نائب وزير الخارجية يستقبل وكيل وزارة الخارجية الإيرانية    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    انطلاق مهرجان أفلام السعودية في نسخته ال11 بمركز إثراء    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياحة السعودية في طليعة المشهد العالمي
نشر في الرياض يوم 27 - 03 - 2025

يضم يوم ال26 من شهر رمضان الفضيل كل عام، ذكرى مبايعة
رجل المنجزات، وصانع التحولات الكبرى، وعراب الرؤية الملهمة، سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله وسدده-.
ومن خلال قيادته الحكيمة شهدت المملكة العربية السعودية تحولات وإصلاحات جذرية في كافة جوانب الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، مما جعلها تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل مزدهر يحقق المزيد من الريادة.
وعلى صعيد ذي صلة، تأتي البيعة الثامنة استكمالًا لمسيرة عامرة بالإنجازات التي رسخت وعززت مكانة المملكة في مختلف الأصعدة، ونقلتها إلى مرحلة غير مسبوقة من النمو والتطور، ودفعتها لمواصلة مسيرتها نحو مستقبل أكثر إشراقًا بقيادة رؤية شابة داعمة وواعية.
اليوم، ومع الرؤية الطموحة 2030 باتت المملكة في مصاف الدول الرائدة والقيادية، من خلال ما قدمته من تطورات متلاحقة في قطاعات عديدة مثل الاقتصاد، والصحة، والتعليم، والثقافة، والفنون، ومن بينها قطاع السياحة الذي اقتحمته المملكة وبقوة، وقد نال نصيبه من هذا التطور النوعي الهائل، باعتباره ركيزة أساسية لتنمية وتنوع الاقتصاد الوطني بعيدًا كل البعد عن الاعتماد الكامل على النفط، إلى جانب مساهمته في تعزيز الهوية الثقافية للمملكة، علاوة على ذلك، ترتبط هذه النهضة السياحية برؤية تتجاوز الخيال، إذ تستهدف تحويل المملكة إلى مركز سياحي عالمي، وتأتي في مقدمة الوجهات السياحية، وذلك من خلال استثمار مواردها الثقافية والترفيهية، لتقديم خدمات وتجربة سياحية مثالية ومتكاملة تجمع بين الأصالة والحداثة.
ركيزة الاقتصاد الوطني
تعد السياحة أحد أهم القطاعات لتنمية الاقتصاد الوطني في الدول لا سيما في المملكة، التي تسعى وبشكل ملحوظ في تعزيز دور القطاع السياحي نظرًا لتفرد وتميز موقعها الجغرافي، ولجذب الاستثمارات السياحية العالمية، وبشكل عام للسياحة مساهمات بارزة في نمو المنتجات المصنعة داخل حدود الدولة، وفي هذا الشأن أكد أ. غرامه الشهري -كاتب ومحلل اقتصادي- قائلًا: «وفقا لتقدير منظمة السياحة العالمية، فإن السياحة تساهم بنحو 10 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي».
وفي حين وصف القطاع السياحي بأنه: «من القطاعات الأكثر ديناميكية في الاقتصاد العالمي، حيث يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد»، وفي إطار ذلك تحدث قائلًا: «إن الحكومة عملت على حوكمة قطاع السياحة، وذلك بوجود ست جهات تعمل بشكل متكامل على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للقطاع، والتي تتضمن «وزارة السياحة»، و»صندوق التنمية السياحي»، و»الهيئة السعودية للسياحة»، و»مجلس التنمية السياحي»، و»البرنامج الوطني للربط الجوي»، و»الهيئة السعودية للبحر الأحمر»، ولكل جهة من هذه الجهات مسؤوليات مختلفة، بالإضافة إلى وجود «هيئة الترفيه» التي تقوم بتنظيم الفعاليات، والمهرجانات، والمسابقات، مما ينعكس ذلك بشكل إيجابي على قطاع السياحة».
ويفيد الشهري أن: «السعودية قبل عامين تحديدًا في 2023 حققت استقبال 109 ملايين سائح، وتمكنت إلى منتصف عام 2024 من استقبال 60 مليون زائر من مختلف دول العالم، بحجم إنفاق بلغ نحو 15 مليار ريال، وتسجيل قرابة 10 % نموًا في عدد السياح والإنفاق، بحسب ما كشف عنه وزير السياحة (أحمد الخطيب)».
وأضاف فيما يتعلق بالفرص الوظيفية للشباب قائلًا: «تعمل السياحة على زيادة فرص التوظيف مما سيزيد من فرص عمل الأفراد، وتحسين دخلهم، وقد تضمن ذلك عدة مبادرات سعت إليها الحكومة السعودية ففي عام 2021 أُطلقت مبادرة 100 ألف فرصة وظيفية في القطاع السياحي، وتنمية مهارات عشرات الآلاف من العاملين في الخدمات السياحية من خلال البرامج التدريبية، وإطلاق استراتيجية تطوير رأس المال البشري تحت شعار «أهلها»، وبرنامج «رواد السياحة» الذي ساهم في تطوير مهارات 100 ألف مواطن في مجال الضيافة والسفر والسياحة». استنادًا لما سبق من الجهود التي تصب في مصلحة أبناء الوطن ذكر الشهري قائلًا إن: «في الربع الثاني من عام 2024 ارتفع عدد المشتغلين في قطاع السياحة وبلغ الإجمالي 959 ألف و175 مشتغلًا، وذلك بزيادة ملحوظة عن العام الذي سبقه، وتظهر هذه المنجزات التي أثبتتها الأرقام الضخمة على ما قدمته حكومتنا من مبادرات في عام 2021».
وأضاف فيما يتعلق بسعي المملكة المتواصل في تطور اقتصادها قائلًا: «المملكة تسعى إلى تحقيق عدد من المستهدفات المتعلقة بقطاع السياحة ضمن رؤية 2030 في إطار العمل على تنويع الاقتصاد، بعدد ضخم من الزيارات السياحية».
المملكة وجهة سياحية بارزة
لطالما كانت المملكة وجهة سياحية بارزة على مر العصور، حيث كان يقصدها كافة المسلمون من شتى بقاع الأرض، من أجل زيارة الأراضي المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بهدف تأدية مناسك الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي، وبالإضافة إلى مشاهدة المعالم والشواهد التاريخية، ومع مرور الوقت، وبتوافد أعداد كبيرة إلى المملكة، بدأت الحكومة بالتخطيط ساعيةً إلى نمو وتنويع القطاع السياحي ليشمل السياحة الثقافية، والترفيهية، والرياضية إلى جانب المقاصد الدينية، وفي ظل هذه التحولات المتسارعة، وتحديدًا في القرن الحادي والعشرين تأسست «الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني» التي نمت وأصبحت الآن «وزارة السياحة»، حيث تهدف إلى تنمية القطاع السياحي، وجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم إلى المملكة، ومع استمرار جهودها في التطور والتغيير، شهدت في عام 2019 إطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية التي ضمت 63 دولة، وسهلت على السياح الدوليين زيارتها بآليات ورسوم ميسرة، وتعمل المملكة حاليًا وبجهود متلاحقة على تنفيذ خططها المستقبلية في صناعة مشاريع سياحية كبرى وتطوير السياحة الداخلية مثل مشروع «البحر الأحمر» التي تطمح إليه في تحويل 90 جزيرة لوجهة سياحية فارهة، ومشروع «نيوم» الذي يعد من أحد أكبر المشاريع السياحية والاقتصادية، ويمثل نقطة تلاقي بين القارات الثلاث، و»أمالا» المشروع الذي يهدف إلى ترسيخ مفهوم جديد ومختلف كليًا للسياحة المتمركزة حول مقومات الحياة مثل الراحة، الصحة، والعلاج، ويبرز مشروع «القدية» كوجهة يجمع بين الترفيه، ومعالم الطبيعة، والمناطق السكنية، كما وأن المملكة تسعى من الاستفادة من مقومات كل منطقة من مناطقها، سواءً من مناخها أو شواهدها التاريخية البارزة، وتأتي «محافظة العلا» كأحد هذه المناطق المستفاد منها لما تتميز به من تاريخ وحضارة عريقة كمدينة «الحِجر» كونها تحتضن مجموعة من المواقع الأثرية ومقر تاريخي للمملكتين «الدادانية» و «الليحانية»، وفي العاصمة وتحديدًا بموطن الحكام «الدرعية» التي برزت بمشروعها التراثي «بوابة الدرعية» الذي يعد من الإضافات المميزة لمستهدفات رؤية المملكة لجذب أكبر عدد من السياح لقلب العاصمة، كما أنه في الوقت الحالي يتم تأهيله وتطويره، وذلك لجذب 25 مليون زائر سنويًا، وبات أكبر مشروع تراثي وثقافي على مستوى العالم لتعزز المملكة حضورها على خارطة السياحة العالمية.
أصالة التراث
تتميز المملكة بتنوع إرثها الثقافي، حيث تبذل جهودًا كبيرة في الحفاظ عليه وضمان استدامته ليرى العالم مدى أصالة تراثها وتاريخها العريق، ومن هذا المنطلق يفيد د. فهد الحسين -وكيل كلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود- بأن: «المملكة تتميز بتراث يميزها عن غيرها من الدول حيث أنها تمتلك مئات المواقع والمعالم التراثية ظلت بعضها غير معروفة حتى للمواطنين السعوديين، بينما يعود بعضها إلى عصور ما قبل التاريخ، وفي حين يمثل بعضها فصولًا من قصة تطور البشرية، وهجراتها من أرض الجزيرة العربية، وتعد مواقع الفنون الصخرية التي يعود تاريخ أجزاء منها إلى 12 ألف عام، من بين أضخم مواقع الفنون الصخرية أكثرها إثارةً في العالم، وتمثل السجل التاريخي الذي وثق تفاصيل دقيقة لثقافة السعودية، وتحكي هذه الفنون قصصًا غير عادية، وفي الوقت المناسب عن كيفية تكيف السعوديون مع الظروف المتغيرة بإصرار وإبداع».
وأضاف: «تشمل قائمة التراث المسجل في المملكة أكثر من 350 موقعًا، إضافة إلى عشرة مواقع مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وإدراج 15 عنصرًا ثقافيًا تمثيليًا في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي».
ويرى د. الحسين أن «التغييرات السياسية والاجتماعية الأخيرة بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثرت بشكل كبير على سياسات إدارة التراث الثقافي في المملكة العربية السعودية، كما ارتبطت هذه التحولات ارتباطًا وثيقًا بمبادرة رؤية 2030، التي تضع التراث الثقافي كعنصر أساسي في تعزيز الهوية الوطنية والتنويع الاقتصادي، إذ دعت رؤية المملكة 2030 بشكل صريح إلى الحفاظ على التراث ضمن جهودها لتنويع الاقتصاد من خلال السياحة».
وتحدث عن مساهمة السياحة الثقافية في تنمية اقتصاد المملكة قائلًا: «السياحة الثقافية لها دور محوري في تنويع اقتصاد المملكة، وذلك من خلال تعزيز قطاعات الضيافة والتجزئة والخدمات المحلية، وقد أسهمت بشكل واضح في الجاذبية الدولية للمملكة، ووضعتها وجهة عالمية ليس فقط للحج والعمرة، بل أيضًا لغنى وتنوع فنونها وتقاليدها العريقة، وفي المقابل، المشاركة النشطة للمملكة في الدبلوماسية الثقافية أدت إلى علاقات عالمية أقوى وتقدير دولي متزايد لتراثها الغني، ومما ولا شك فيه أن المملكة العربية السعودية تسير بخطى واضحة نحو الريادة في السياحة الثقافية؛ مما سيفتح لها آفاقًا أوسع لاستضافة الفعاليات والمنتديات والمؤتمرات الدولية، وجذب الزوار لاستكشاف مناظرها الطبيعية المتنوعة وتراثها الثقافي الغني، ونتيجة لهذه الجهود فإن عدد السياح الدوليين والمحليين سيتجاوز 100 مليون سائح في عام 2025، وسينفقون أكثر من 66.6 مليار دولار».
ويؤكد د. الحسين: «أن التراث اليوم يلعب دورًا رئيسا في جذب الاستثمارات، وتعزيز النمو المستدام للاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل وجذب الشباب السعودي، وترسيخ الشعور العميق بالفخر بالوطن، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2030 أن يسهم قطاع التراث الثقافي بأكثر من 47.9 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة».
الوصول إلى العالمية
بعد أن أعلنت «وزارة السياحة» عن أولى خطواتها في القطاع السياحي عام 2019، وهو إطلاق 11 موسما سياحيا يغطي جزءا كبيرا من مناطق المملكة، ومنذ ذلك الإعلان شهدت المملكة قفزات نوعية وشهرة أوصلتها إلى العالمية، وفي هذا السياق تحدث د. عماد مُنشي -رئيس الجمعية السعودية للسياحة- قائلًا: «إن الحكومة تسعى جاهدةً إلى الارتقاء بتطلعات المواطنين فيما يتعلق بالقطاع الترفيهي، وأنها تضخ مبالغ ضخمة في هذا القطاع حيث بلغت نسبة الاستثمار سنويًا نحو 4 مليارات ريال».
وأضاف: من جانب آخر، مواسم السعودية وعلى وجه الخصوص «موسم الرياض» الذي ذاع صيته بفعالياته المميزة مثل «البوليفارد وورلد» حيث استطاع أن ينقل الثقافة السعودية على أكمل وجه للسائح الأجنبي بالإضافة إلى السائح المحلي، الذي لا يستطيع أن يتجول في كافة مناطق السعودية، وذلك من خلال نقل العادات والتقاليد، والأطعمة المشهورة، واللهجات التي تتفرد بها كل منطقة، وطابع تراثها وزخارفها الغنية عن التعريف، ومن جهة أخرى، قطاع الترفيه لا يشمل الفعاليات التي ترفه على الزائرين فحسب؛ بل ويدعم الثقافة عبر صناعة المسلسلات والأفلام التي أثبتت أن السعودية منتجة، ومخرجة، وداعمة للقدرات والمواهب الشابة، وتصدّر تميزها إلى العالم ليرى ويستكشف التنوع الثقافي الذي تحظى به المملكة، هذه الإنجازات التي حققتها منظومة قطاع الترفيه لا تقل أهمية عن القطاعات الأخرى مثل وزارة الرياضة التي اقتحمت وتخطت الحدود الجغرافية للعالم أجمع بأنشطتها، كما وجذبت السياح للاستمتاع بفعالياتها الرياضية، وتبرز جهود الوزارة بأن لديها أكثر من 100 اتحاد رياضي، ولكل اتحاد مسؤوليات معينة، وفي إطار ما سبق ذكره يسعى وزير الرياضة صاحب السمو الملكي الأمير «عبدالعزيز بن تركي الفيصل» بأن تتحول المملكة إلى وجهة عالمية للفعاليات الرياضية».
واختتم د. مُنشي حديثه بأن: «جميع الهيئات المستحدثة مع إطلاق الرؤية تتعاون وتتكاتف مع بعضها البعض لإنجاح القطاع السياحي فلا يعمل قطاع دون الآخر، كما وأنها تحصل على دعم كبير من قبل الجهات العليا، وذلك ما يبرز جهود المملكة في أنها تواصل تقدمها ونجاحاتها المبهرة، وتضع استراتيجيات وخطط لتحقق مستهدفات رؤيتها الطموحة، وبالأخص في السياحة الوطنية».
حقوق عادلة
وفي هذا الصدد صرّح يوسف مشنوي -محامي ومحكم معتمد- في الحقوق التي سعت إليها الحكومة لضمان حق السائح وليتمتع بتجربة مثالية في أراضيها، قائلًا: «مملكتنا الرشيدة وضعت إطارًا قانونيًا متكاملًا يكفل حقوق السائحين على أراضيها في الجوانب الأمنية والمالية والخدمية، وقد تضمن نظام السياحة الصادر بالمرسوم الملكي م/18 لعام 1444ه (2022م) ولوائحه التنفيذية، مختلف الضوابط التي تحمي السائح وتضمن حصوله على خدمات نوعية»، بناءً على ذلك، أضاف مؤكدًا: «أن وزارة السياحة تشرف على تطبيق هذه الأنظمة بالتنسيق مع جهات حكومية أخرى لضمان تعزيز ثقة الزوار وحماية حقوقهم، وقد تعددت الحقوق القانونية التي تعود بالنفع على السائح، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، المعاملة اللائقة وعدم التمييز مع حظر فرض رسوم غير معلنة أو الامتناع عن تقديم الخدمات دون مبرر، بالإضافة إلى حق الإقامة والذي يشمل عدم اشتراط محرم للمرأة الأجنبية، وضمان استرداد الأموال عند الإلغاء أو الإغلاق الطارئ».
وفيما يتعلق بجودة الخدمات السياحية والإرشاد يضيف منشوي قائلًا: «تلتزم الشركات بالشفافية، وتوفير مرشدين مرخصين ومعلومات موثوقة، كما تبرز أنظمة التأشيرات الميسرة، مثل التأشيرة السياحية الإلكترونية التي تسهل حرية التنقل بين المناطق».
وأضاف منشوي أن عن الحقوق المالية للسائح قائلًا: «هناك حماية واضحة تتمثل في تحديد الأسعار، وفرض الإفصاح عن المبالغ الكبيرة وفق أنظمة مكافحة غسل الأموال، وقد سهلت عليهم التنقل والمواصلات، من خلال تنظيم النقل العام وتأجير المركبات، وضمان التزام سيارات الأجرة والتطبيقات بالتعرفة الرسمية».
وفي السياق ذاته ذكر قائلًا: «إن الأنظمة في مملكتنا الرشيدة بضمان الحقوق المالية للسائح وحمايته من الاستغلال، فلا يجوز لمقدمي الخدمات تحصيل أي مبالغ غير منصوص عليها في قائمة الأسعار المتفق عليها، ويتعين عرض أسعار الخدمات بالريال السعودي شاملة الضرائب والرسوم بشكل واضح باللغتين العربية والإنجليزية، كما يجب تزويد السائح بإيصال مفصّل عند دفعه لأي مبلغ مقابل الخدمات السياحية، يوضح قيمة كل خدمة مدفوعة».
وأكد مشنوي أن: «المملكة حرصت من خلال التحديث المستمر للأنظمة (مثل نظام السياحة الجديد ولوائحه) على وضع إطار قانوني متكامل يحمي حقوق السائح وكرامته، فالسائح في المملكة يتمتع بالحماية القانونية سواء في مقر إقامته أو تنقلاته أو تعاملاته المالية، وتتكامل جهود الوزارات والهيئات لضمان تطبيق تلك الأنظمة».
نحو مستقبل مشرق
ويشير د. مُنشي إلى أن الهدف الأساسي لرؤية المملكة 2030 «يتمركز حول تنويع القاعدة الاقتصادية، وأن صناعة السياحة تلعب بشكل جلي وواضح في تحقيق أهداف ملف الرؤية، ويضيف: أن من أحد الأهداف المعلنة لقطاع السياحة هو الوصول إلى 150 مليون سائح بحلول عام 2030، ومع استراتيجياتها وخططها المرسومة بدقة ستستطيع الوصول إلى العدد الذي تطمح إليه حتى قبل حلول عام 2030، إلى جانب الوصول بعدد الحجاج والمعتمرين إلى 37 مليون شخص سنوياً».
ووصف المستقبل الزاهر للسياحة السعودية «بأنه سيصبح من أحد أفضل 7 وجهات سياحية مميزة على مستوى العالم، وسوف تتفوق من خلال مشاريعها الضخمة على الطموحات التي رسمت لها، بالإضافة إلى أنها تمتلك مقومات تفوق بقية الدول، ودون أدنى شك ستكون مساهمة القطاع السياحي قد تتجاوز 10 % في الناتج المحلي، ولها دور بارز في قيادة قطاعات اقتصادية كبيرة تتأثر بشكل مباشر وغير مباشر بصناعة السياحة المزدهرة في مرحلة ما بعد عام 2030».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.