ذات صباح جاء بارون فراش مكتب الإنجليزية فيوليت زوجة المعتمد السياسي البريطاني المعروف في الخليج ديكسون حين عودتها للكويت أوائل ستينات القرن الماضي جاء الى باب المكتب حيث كانت جالسة مشغولة كما تقول في كتابها أربعون عاما في الكويت بكتابه بعض الرسائل وبعد أن قرع فناجيل القهوة الصغيرة في بعضها صب لها ثلاث أقداح واحدا تلو الآخر وهو يتساءل في صوت لا مبال وهل ترغبين في رؤية سعد بن منيف؟ وهو يعلم أنها سوف تبتهج بذلك وأن سعدا يقضي معها دائما وقتا طويلا وطلبت من الفراش أن يحضره إلى الطابق العلوي في الحال ويخلع سعد صندله عند عتبه الغرفة ويدخل جواربه المصنوعة خصيصا بأصبع قدم واحدة لتسمح بدخول القدم في الصندل ويحييها بالمصافحة وتقول له أهلا مرحبا تفضل. كان سعد يبدو على ما يرام ولكنه متعب قليلا وقد جلسوا يتحدثون قليلا عن عائلته وتوقعات المطر في الصحراء وغلاء المعيشة في المدينة بينما أحضر بارون طبق تمر وضعه أمام سعد وقدم له القهوة.. أين كنت يا سعد؟ إنني لم أراك من وقت طويل؟ ويطأطئ سعد رأسه ويقول خيرا لا أحب أن أخبرك الآن وتساءلت قائلة لا أعتقد أنك قتلت شخصا أم تراك فعلت.. لا.. ولكني كنت في السجن بالدمام خلال السنتين الماضيتين.! وهتفت قائلة السجن أي ذنب قد جنيته يا عزيزي سعد؟ لقد قمت ببعض التهريب بالسيارة عبر حدود الكويت والسعودية وقد نجحت في كثير من تلك المغامرات ولكن ضبطت أخيرا وقدمت لابن جلوي حاكم المنطقة الشرقية الذي وضعني في السجن فسألته فيوليت (أم سعود) قائلة: ألم يكن بوسعك أن ترسل لي رسالة بطريقه ما قبل أن يجيبها قائلا: لا.. لقد كان ذلك مستحيلا ردت قائلة لقد كنت في الدمام في العام الماضي وزرت سمو الحاكم ولو كنت أعلم أنك هناك لتحدثت إليه بشأنك في الوقت المناسب ولكن دعنا الآن ننسى هذا ونتحدث عن أشياء أخرى أخبرني بقصه عمشاء التي وقعت في حبها بجنون منذ سنوات بعيدة هل تزوجتها..؟ لا.. ولكني سأقص عليك ما حدث وهذه بداية قصة حب سعد لفتاة بدوية حسناء كما رواها: كان الفصل ربيعيا وصحراء شرقي شبه الجزيرة قد سقط عليها مطر غزير في الخريف مما أخصب المراعي وجعلها متوافرة بكثرة وكانت مضارب القبيلة في هذه المنطقة وذات يوم بينما كنت راكبا الذلول توقفت لطلب شربة لبن من فتاة طويلة رشيقة كانت ترعى أبل والدها وكانت الفتاة تغطي وجهها ببرقع ولا يبدو منه غير عينين سوداوين واسعتين وقبل أن أتركها وأذهب في حال سبيلي تحدثت معها قليلا وشعرت بشعور غريب يسري في قلبي تجاهها وبعد هذا اللقاء أصبحت التقي بها كثيرا في الخفاء بعيدا عن الخيام عندما تكون خارجة لرعي الإبل، وقد أخبرت أن اسمها عمشاء، وكما يقول العرب كانت القلوب شواهد بأن كلينا وقع في حب الآخر، وقد علمت أن عمشاء لها ابن عم سوف يطلبها للزواج في النهاية وكان من المؤكد أن ابن عمها لن يحلها أبدا لأي شخص آخر وكان إخوتها أيضا يرغبون في أن تتزوج ابن عمها الذي ما لبث أن جاء يطلبها من والدها، وجاؤوا بشهود زور ليقولوا إن الفتاة كانت ترغب في الزواج منه لأنهم كانوا يشكون في حبها لرجل آخر، وكانوا يتوقون إلى تزويجها بسرعة، وهكذا أعدت الترتيبات سرا بينهم لإتمام الزواج في ليلة معينة وبعد أيام قليلة ذبحت الخرفان لعشاء ضيوف الزواج في خيمة والدها التي كانت في ذلك الوقت منصوبة بالقرب من الهفوف بالسعودية، وبعد المساعدة في إعداد العشاء علمت عمشاء التي ما كانت تعلم شيئا بوجود ابن عمها ولم ترَ أي غريب أو ضيف معهم وقد روعها ذلك وحالما انتهى تناول الطعام تسللت من مؤخرة الخيمة وفرت في الظلام إلى قمة مرتفع قريب حيث قضت الليلة متكورة بين الحجارة لتحتمي من الريح..( يتبع ). الخيمة تنصب استعداداً لليلة الزواج